منذ إستقلال لبنان عام ١٩٤٣ مرورا بالحرب الأهلية عام ١٩٧٥ وصولا لإتفاق الطائف عام ١٩٩٠ حتى أنتهاء عهد الرئيس لحود العام ٢٠٠٧ كان النواب اللبنانيون ينتظرون كلمة السر لتأتيهم من المرجعيات العربية والدولية ليذهبوا في الموعد الدستوري المحدد لإنتخاب من تم التوافق عليه ليدخل قصر بعبدا. ولكن بعد إغتيال الرئيس الحريري والانسحاب العسكري السوري من لبنان العام ٢٠٠٥ تغيرت اللعبة الرئاسية وتعقًدت أكثر نتيجة إنقسام البلد الحاد سياسيا بين طرفي قوى ٨آذار المدعومين من سوريا وإيران وبين قوى ١٤ آذار المدعومين من بعض العرب والغرب، وصارت إنتخابات الرئاسة خاضعة لأوراق التفاوض بين أميركا من جهة وإيران من جهة أخرى حول العديد من قضايا المنطقة بما فيها لبنان، ولهذا بدأ البلد يشهد منذ أنتهاء عهد لحود عام ٢٠٠٧ فراغ بسدة الرئاسة أحيانا لسبعة أشهر كما حصل قبل أنتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان عام ٢٠٠٨ وسنتين ونصف كما حصل قبل إنتخاب رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون عام ٢٠١٦. وهذا الفراغ الرئاسي لم يشهده البلد لا قبل الحرب ألأهلية ولا خلالها ولا بعدها بإستثناء فترة الفراغ الذي عاشها خلال عهد حكومتي الحص وعون بين عامي ١٩٨٨ و ٢٠٠٠ . واليوم تتكرر المعزوفة حيث مضى على الفراغ في كرسي الرئاسة منذ إنتهاء عهد عون في تشرين ألأول عام ٢٠٢٢ وحتى اليوم حوالي أربعة أشهر فهل سيطول هذا الفراغ على غرار ما حصل قبل إنتخاب عون أم أنه قد يكون قصير ولأشهر معدودة كما حصل قبل إنتخاب سليمان؟ سؤال منطقي وسليم والجواب عليه بسيط وواضح إذ أن هذا إلإنتخاب مرهون بألأوراق التي ترمى على طاولة التفاوض بين واشنطن وطهران فإذا تم خلال هذا التفاوض الذي يحصل أحيانا مباشرة أو بالواسطة عبر بعض ألدول الصديقة للطرفين كسلطنة عمان أو قطر أو سويسرا وفرنسا . فإذا ذهبت المفاوضات وإلإتصالات التي تجري بين الطرفين المعنيين بعيدا عن ألاعلام إلى خواتيم سعيدة بالنسبة للبنان فقد يشهد إنتخاب رئيس له قبل نهاية الربيع القادم ، أمًا اذا بقيت الإتصالات إقليميا ودوليا على حالها من الجمود فإن لبنان سيشهد حتما فراغا طويلا شبيها بفراغي العام ١٩٨٨ والعام ٢٠١٣. ولهذا على كل القوي السياسية الداخلية أن توقف مسرحياتها الهزلية حول لعبة النصاب الدستوري لجلسة ألإنتخاب ولعبة تعداد ألأصوات بين كم صوت لهذا المرشح أو ذاك ومن ينتخبه ومن لا ينتخبه لأن أطراف الداخل ليسوا سوى أداة تنفيذ إنتخابية تتلقى تتعليماتها من الخارج الذي يمسك باللعبة الرئاسية كلها وهو لم يقل كلمته حولها بعد .
لم يشهد لبنان حتى خلال الحرب الأهلية وانقسام البلد الى معسكرين , هذه اللغة المنحطة و المهينة للتخاطب السياسي بين الفرقاء و هذا الهجوم النتن و الوسخ من قبل فريق باتجاه الآخر . و هذا بلا شك مرده الى المستوى المتدني لبعض السياسيين الذين لم يتتلمذوا على ايدي الكبار ويأخذوا منهم شيء من التهذيب المتبادل و التخاطب المحترم .
أن تسمع البعض و هو يحاضر فينا ليعلمنا فن السياسة و تحصيل الحقوق و تعميم الفضيلة و هم اولاد اليوم و ليس البارحة في العمل الوطني و الشأن العام و ينقصهم ما ينصحوننا به, و ترى الانحدار في الخلق و الاخلاق عندهم الى الدرك السفلي و الى مستوى لم نعرفه او نسمع به سابقا .
باغتنا و ادهشنا رئيس التيار الوطني الحر بمحاضرة اطل بها علينا من شاشات التلفزيون ليعلمنا بانه قد يترشح للرئاسة اذا لم يبادر حليفه حزب الله الى الأتفاق معه على اسم مرشح جديد للرئاسة من خارج الأسماء التي تداولت بها وسائل الاعلام و المدسوسة من قبله و التي تم حرقها باسلوب رخيص لقطع الطريق عليها و ذلك بعد الرفض المعلن من قبله على اسم الوزير السابق سليمان فرنجية بحجة عدم تمثيله الشارع المسيحي او لعدم حيازته لكتلة نيابية وازنة و كأن من المفروض ان يكون للرئيس تمثيل نيابي او حزبي متناسيا الرؤساء سليمان ولحود و الهراوي و…. فهم لم يكونوا نوابا حتى . و بعد الرفض المعلن على فرنجية لم يجد اسبابا كافية لمجابهة الأسماء المتداولة الا بالاهانات و التهجم الرخيص و الأنتقاد غير البناء و الدلع على :
اولا : حليفه بالانتقاد الشديد و المباشر لتفضيله فرنجية عليه في السبق الرئاسي , و الترشيح غير المعلن له من قبل حزب الله يعتبره باسيل غير نهائي و انه يستطيع تغيير رأي السيد حسن نصر الله بالأبتزاز و الدلع السياسي بحجة أن التيار يؤمن غطاء مسيحيا للحزب علما بان الثنائي قادر على تأمين كتلة من 15 نائبا مسيحيا بسهولة و باسيل يعلم ذلك بوضوح , و أن حزب الله قد اصابه الملل من كثرة طلبات باسيل و عرقلاته السياسية و مناكفاته مع الجميع .و يحاول السيد دائما ان تكون ردات فعله مدروسة و لا تنفر حليفه و تعطيه الذريعة للهجوم عليه كما يحدث في كل مناسبة يطل فيها باسيل بالأعلام .
ثانيا : قائد الجيش الذي رفض باسيل في عدة مناسبات طرح اسمه كمرشح تسوية و حجته هذه المرة تجاوزه القوانين و الاعراف و مصادرة سلطة وزير الدفاع و اتهامه بصرف الأموال المقدمة للمؤسسة العسكرية دون رقابة ملمحا الى عمليات فساد قام بها . و هذه الأتهامات اتت الآن فقط و لم تبرز سابقا بالرغم من المساعدات الاميركية المباشرة و المتكررة العينية و النقدية للجيش . و السبب بأن المساعدات النقدية الأخيرة اتت من دولة يعتبر باسيل نفسه ممثلا لها و يجب ان تمر الأموال عبره و ليس مباشرة لقائد الجيش .و اتت الطامة الأخرى بأن هذه الدولة الامارة لمحت بأنها تدعم وصول العماد عون للرئاسة اذا ما اتفق الفرقاء على اسمه . معتبرا ان الهجوم عليه يؤدي الى حرق حظوظه في السبق الرئاسي , فهل سيرد العماد عون بطريقة ما ربما في الأيام المقبلة ؟,
و السبب الآخر للهجوم أن باسيل يعتبر نفسه الوريث الوحيد للرئيس عون في كل شيء حتى في محبة و احترام الجيش له و كذلك الوريث للنفوذ العوني على المؤسسة العسكرية خصوصا و ان الرئيس عون هو من عين قائد الجيش في موقعه و فضله على آخرين و عليه الخضوع لرغبات باسيل دون اعتراض و تلبية مطالبه و تدخله في شؤون المؤسسة العسكرية خصوصا التعيينات في المراكز الحساسة , و هذا ما لم يحصل مما ادى الى نقمة باسيل و عدم الثقة بجوزيف عون .
ثالثا : حاكم مصرف لبنان رياض سلامة هو مرشح دائم للرئاسة لأنه رأس السلطة النقدية و صاحب اعلى مركز ماروني بعد رئاسة الجمهورية , نعته جبران باسيل في كلمته الأخيرة ” برئيس عصابة ” و مجرم و مختلس و ..و… ليس غريبا على باسيل هذه التعابير فهو يستعملها ضد سلامة منذ اكثر من 4 سنوات عن طريق ابواقه الأعلامية و زمرة من المحامين و بعض القضاء . لم يبقى اية صفة مهينة لم يستعملها ضده و الذي ساعده دائما على ذلك ان الحاكم بطبعه لا يرد على الهجوم بآخر مضاد و لا يوجد بقاموسه هكذا نوع من الكلمات و الصفات و المفردات . و ذهبت بهم السفاقة ان يتموضعوا امام ابنية في اوروبا و تصويرها على اساس انها ملك الحاكم و يصورونه بمظهر المختلس للأموال العامة.و بالرغم من ان التحقيقات كلها الداخلية و الاجنبية اثبتت بأن ملفاتهم فارغة لا ادلة فيها و لا اثباتات لا يزالون على النهج ذاته و آخرها ما اطلقه الوزير باسيل في اطلالته الأعلامية.وبما ان الحقيقة غير ذلك و ان اتهاماتهم باطلة للتشويش على وضعيته و سمعته نرى لزاما علينا المقارنة بين اثنين من المرشحين احدهما رياض سلامة و الثاني جبران باسيل .
– اتهام باسيل بأن الحاكم ” رئيس عصابة ” نحيل القارىء الى الدعوى المقامة في اميركا لدى محكمة فدرالية تحت رقم case 1:17-cv-24206-jem من لارا منصور سماحة و زوجها ايلي سماحة ضد مجموعة من الأشخاص ( باسيل,جريصاتي,معكرون,مكنة,جرمانوس,بويز,ساسين,منصور ) بجرم تشكيل عصابة مارست الخطف و انتهاك حقوق الانسان و التعذيب و الضغط للتراجع عن دعاوى ملكيات عقارية .و هذه الدعوى كانت السبب الرئيسي للعقوبات التي فرضت على الوزير باسيل .
– المطالبة الدائمة و الضغط لتحقيق التدقيق الجنائي لحسابات مصرف لبنان لم تؤدي الى اية نتيجة و لم نعد نسمع عن تقرير الشركة و بالرغم من المطالبة المستمرة باجراء التدقيق في حسابات و التزامات وزارة الطاقة لم يطرح الموضوع للبحث و التدقيق مع انه احيل بموجب قانون ساري على كل المرافق العامة و اهمها وزارة الطاقة و منشآت النفط في الشمال .
– التحقيق الذي اصبح طي الأدراج بخصوص عمليات شراء الفيول المغشوش و اطلاق سراح المتهمين بعد ان ثبت ضلوع العديد من الموظفين و الموردين المحسوبين على الوزير باسيل خصوصا المديرة العامة السابقة للمنشآت .
– لم يتم تحويل متعهدي السدود الذين لم ينجحوا في تنفيذها و العيوب التي شابت التعهدات بسبب قرار الوزير باسيل بعدم المتابعة .
– عمليات تهريب المشتقات النفطية الى سوريا منذ عام 2017 و حتى وقت قريب قامت بها احدى الشركات النفطية عن طريق تخصيصها بكميات هائلة من المازوت المدعوم العائدة لوزارة الطاقة و المخزنة في منشآت النفط في طرابلس و تقاسم المغانم الناتجة عن ذلك .وتوقف مصرف لبنان عن دعم و فتح اعتمادات المازوت كان السبب الأساسي في تكثيف الهجوم على حاكم مصرف لبنان .
– التحقيق الذي فتح ضد السيد ك.ق و من ثم اغلق لأسباب بعضها معلوم و اكثرها مجهول بخصوص اتهامه ظلما بعمليات تبييض الاموال عن طريق شراء العقارات و الذي اثبت صحة الاموال المشروعة ثمنا لهذه العقارات التي تخص جهة عربية حاول باسيل ابتزازها .
– تحريف محضر مجلس الوزراء و اعتبار القرار بمثابة قرار وزير بخصوص تمرير التعاقد مع بواخر الكهرباء لتمرير التعاقد مع الباخرة الثالثة و كذلك عقد دير عمار -2 و طواحين الهواء التي منحت تراخيصها بدون مناقصات استفاد منها نافذون .
-….
هذا غيض من فيض , و نراهم يهاجمون الآخرين مشككين بنزاهتهم و اتهامهم بالفساد دون دليل و من دون وجه حق .
السؤال الأساسي ان نرى ما هي مميزات الوزير باسيل حتى يطرح نفسه مرشحا للرئاسة لو اعتبرناه لا يمت بصلة القرابة للرئيس السابق ميشال عون فما هي صفاته ؟ حتى بداياته لم تكن مميزة كمهندس لولا ان حزب الله اعطاه و شريكه السيد ف.ح بعض الاعمال في مشاريع ” وعد ” لأعمار الضاحية كرمى لعيون الرئيس عون مما ساعده ليحقق بعض المال .
ان التحريض الدائم للوزير باسيل خصوصا لناحية المطالبة بالحق المسيحي و العدالة للمسيحيين و هو يقصد هنا الحق الماروني سيورط لبنان عاجلا ام آجلا بمشاكل داخلية سبق و رأيناها و سمعناها و كانت نتائجها وخيمة علينا و خصوصا على المسيحيين و ادت الى الهجرة المتنامية لهم و الخوف مما آت اذا بقينا نسمع هكذا خطاب .
عام ٢٠٠٩ أي بعد أحداث السابع من أيار عام ٢٠٠٨ بأشهر قال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية خلال مقابلة له على إحدى المحطات المحلية ردا على سؤال : إن السني أللبناني يستطيع أن يواجهني بسنيته لأنه محاط ببحر سني يقدر ب٣٠٠ مليون في العالم العربي ، والشيعي أللبناني يستطيع أن يواجهني بشيعيته لأنه محاط أيضا ب١٢٠ مليون شيعي في المنطقة ، أما أنا كماروني وكمسيحي لبناني لا أستطيع أن أواجه لا السني ولا الشيعي أللبناني لا بمارونيتي ولا بمسيحيتي لأن وجودي العددي المتواضع لا يسمح لي ولكنني أستطيع أن أواجهما معا بعروبتي وعندها لا يتخطياني ويدعمانني ويقفان على خاطري ويقدمانني حتى عليهما .
هذا ألكلام الوطني بإمتياز الواعي الذي صدر عن فرنجية يومذاك عاد وكرره قبل أيام في بكركي أمام الصحفيين معطيا ألشعب الكردي الكريم ألمثل حيث قال : إنهم يمثلون حوالي خمسين مليون كردي في المنطقة ولم يعطوهم . فإذا كانت الدول الكبرى كذبت عليهم ولم يعطوهم دولة فهل هذه الدول ستساند مليون مسيحي في لبنان وتقف على خاطرهم بالطبع لا . معتبرا أن قادة الموارنة عندما ذهبوا إلى الاقتنال عام ٧٣ وعام ٧٥ ودخلوا الحرب ألأهلية خسروا لاحقا نصف سلطتهم ولهذا قلنا إننا مع إتفاق الطائف ومتمسكون فيه للنهاية. واذا كرروا الخطأ ذاته هذه المرة فلن يبقى مسيحي واحد في لبنان . داعيا القادة المسيحيين ولا سيما الموارنة منهم إلى التعقل والذهاب للتوافق مع باقي مكونات الوطن من أجل إمرار ألإستحقاق الرئاسي بهدوء حرصا عالبلد وأهله وحفظا لما تبقى من وجود مسيحي فيه، لأن هذه المرة اذا ذهبت ألامور بهذا ألإتجاه الله يستر المسيحيين والبلد .
هذا الكلام العظيم والوطني والحضاري والراقي والواعي المتجدد لفرنحية لا لزوم للتعليق عليه فهو كلام جوهري لا يقدر بثمن ويثبت بأنه “صوت ألعقل المتبقي” بين قادة المارونية السياسية الذين فقدوا منذ الحرب ألأهلية إلى ما بعدها وصولا لليوم بوصلة إتزانهم ورصانتهم السياسية والوطنية نتيجة هزالة أدائهم وصراعهم المستمر التافه والقاسي والمميت على كرسي الرئاسة الذين أسقطوا قيمتها فحولوها من رئاسة وطن إلى رئاسة شخص. هذه الخلاصة نقولها بحق عن فرنجية ودون تملق سواء تم أختياره للرئاسة أم لا ، وقد كان الوزير السابق الصديق مروان خيراادين على صواب عندما وصفه بأنه يمثل الغالبية الصامتة من “لبنانيي ألأعتدال” الذي يقوم عليهم بنيان الوحدة الوطنية الصحيحة بمسيحييها ومسلميها بعيدا عن أي تطرف وتعصب مذهبي وطائفي الذي لم يجلب للبلد وأهله منذ العام ٧٥ إلى اليوم إلًا الخراب والدمار والتهجير والهحرة .
ينطبق على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قول ألأديب الكبير سعيد تقي الدين (فاسد يحاضر بالعفة) في معزوفته المثلثة ألإضلاع الموزعة بين إنتقاده الشديد لحزب الله وهجومه اللا أخلاقي على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقائد الجيش العماد جوزف عون .
القاسم المشترك بين الثلاثة بالنسبة لباسيل هي “كرسي الرئاسة” التي من أجلها يستهدفهم بإنتقاده وهجومه. فحليفه المضطربة علاقته معه لا يزال حتى اللحظة يرفض تبني ترشيحه لرئاسة الجمهورية ويتمسك أكثر وأكثر بمرشحه غير العلني رئيس تيار المردة الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية. فمن أمينه العام السيد حسن نصرالله مرورا بكافة قياداته ومسؤوليه وصولا لعناصره ومؤيديه ومناصريه لن يتساهلوا في مسألة التمسك بخيارهم الرئاسي حفاظا على ظهير مقاومتهم وحماية لوجودها وهم يرون بالاخير (فرنجية) المرشح الطبيعي الذي لا يطعن بها ولا يساوم على سلاحها إذا ما وصل لقصر بعبدا ! عكس الكثير من المرشحين الذين لا يرتاح لوجود أحدهم في المركز ألأول .
أما سلامة وعون، هجوم باسيل العنيف عليهما لكونهما ألأكثر جدية كمرشحي تسوية مدعومين عربيا وإقليميا ودوليا من أجل ألأخذ بيد أحدهما في حال وصوله وتقديم الدعم النقدي والمالي لإستنهاض إألإقتصاد أللبناني من جديد بكافة قطاعاته .
هجوم باسيل هذه المرة أتى خاليا من أي لياقة وإعتبار للمراكز المارونية ألاولى الذي يدعي هو الحفاظ عليها وعدم ألإساءة لها معنويا . والضرب تحت الحزام من قبله بإستعماله عبارة رئيس عصابة بوصفه سلامة ومنتهك ألأعراف والقوانين لجوزف عون متهما إياه بتسلمه أموالا نقدية والتصرف بها خارج ألأطر القانونية ( إساءة أمانة). وهذا الهجوم الناري البعيد عن كل أللياقات والتهذيب السياسي والأخلاقي من قبله إن دل على شيء فإنه يدل عل فقدانه لإتزانه وأعصابه نتيجة فشله منذ بدء الحملة عليهما قبل ثلاث سنوات في إقصائهما أو إضعاف موقعهما أو إنهاء حظوظهما بالسبق الرئاسي
أجمل ما سمعته تعليقا على الحملة الظالمة التي يتعرض لها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منذ ثلاث سنوات كان من صديقي المحترم الوزير والنائب السابق المحامي الدكتور عصام نعمان الذي أكد لي إنه لم ولن يسمح لنفسه بمقاربة موضوع سلامة بكلمة سوء في كل مواقفه وإطلالاته ألإعلامية لأنه كمحامي يعتبر أن سلامة بريء حتى تثبت إدانته. فبرأيه أن كل ما كتب ويكتب عنه من خبريات وملفات مزعومة بتبييض ألأموال سواء تلك الموجودة أمام القضاء أللبناني وألأوروبي أو تلك التي تنشر في بعض الصحف وعدد من المواقع ألإخبارية لا يمكن البناء عليها طالما أنها غير مسندة بأدلة وحجج ثابتة ولم يصدر في المقابل بعد أي قرار قضائي يدين الحاكم بأي جرم مما يتهم به لا داخل ولا خارج لبنان .
كما وردني تعليق من صديق مصرفي يعمل في أوروبا أعتبر فيه إنه ليس هناك حاجة لتبرير أرباح شركة فوري موضوع التهمة على سلامة وشقيقه، لأن هذه الشركة لم تتقاضى عمولاتها من البنك المركزي اصلا لكنها تجمع العمولات الناتجة عن عمليات البيع والشراء بين مجموعة من المتداولين ومن ثم توزعها عليهم كل بنسب حجم عملياته وهي منصة لهؤلاء الوسطاء تنفذ عملياتهم ومهماتها تم التوافق عليها من قبل المجلس المركزي لمصرف لبنان والهدف كان خلق أدوات لتحقيق ثبات مالي في ألأسواق . وهناك المئات أمثال شركة فوري حول العالم في لندن ( London stock exchange) وفي نيويورك ( New York stok exchange) وكذلك في فرانكفورت وباريس وكل العواصم المالية الدولية ونشاطها شرعي وقانون وهي تشكل العامود الفقري لعمل كل بورصات العالم وحتى في لبنان هناك أكثر من شركة تعمل وتمارس النشاط نفسه . ولهذا لم يكن مستغربا الكلام الذي نقل عن المحامي العام ألإستئنافي القاضية المحترمة السيدة ميرنا كلاس والتي تشارك في التحقيقات مع الوفود القضائية ألأوروبية تنويهها بإفادة سمير حنا رئيس مجلس إدارة بنك عودة ومديره العام أمام القضاة ألأوروبيين الذي أشار إلى “أن ألأموال التي جرى الحديث عنها وتقاضتها شركة فوري هي من أموال المصارف حصرا وليست من ألأموال العامة”. وأعتبرت القاضية كلاس “أن تلك ألإفادة هي الوحيدة التي إستطعنا أن نفهم منها ماذا يجري في موضوع التحويلات” .
من هنا فإن التحقيق سواء كان لبناني أم أوروبي كما أي تحقيق دولي في هكذا موضوع يلاحق حركة المال للوصول إلى المرتكب (رأس الهرم) وكل من شاركه وسهل القيام بغسل ألأموال ، وعملية الغسل حسب مصطلحها التقني هو إدخال ألنقد والمال الناتج عن بيع المخدرات وعمل الجريمة المنظمة من تجارة الجنس وألأعضاء وألأرهاب والفساد على أنواعه إلى النظام المصرفي الدولي. كما أن غسل المال يشمل أيضا عمليات تجارية أو عقارية نقدية يعود من بعدها هذا المال إلى النظام المصرفي ويصبح نظيفا من الشبهة عن أصله وأصحابه المجرمين . وهذا ألأمر كله لا ينطبق إطلاقا على عمليات شركة فوري ! لماذا؟ لأن مؤسسات مالية ومصارف إشترت وباعت سندات خزينة عن طريق وسطاء وتقاضوا منها عمولتهم القانونية بواسطتها، فأين هنا عملية تبييض وغسل المال فيها؟ .
هناك جهات أو لنكن أكثر دقة بالتعبير هناك أبواق من وزراء ومدراء عامين سابقين ومستشارين ماليين ومصرفيين ومحامين عملوا ويعملون على أعطاء معلومات مفبركة ومغلوطة للجهات القضائية ألأوروبية هدفهم الوحيد هو ضرب سمعة رأس النظام النقدي أللبناني لإقالته من الحاكمية حتى يأتي أحدهم مكانه، ولا مانع عند هؤلاء والجهات السياسية الراعية لهم إذا ما إنهار النظام المالي والنقدي والمصرفي برمته إذا كان هذا ألأمر يخدم مصالحهم السياسية والشخصية .
ويروي لي أيضا أحد ألأصدقاء أنه إلتقى قبل أيام أحد هؤلاء ألأبواق نتحفظ عن ذكر إسمه على عشاء مع مجموعة من ألإقتصاديين والماليبن وكان محبطا وهو ينقل للحضور خيبة أمله لأن المحققين ألاوروبيين حسبما أبلغهم لم ولن يتوصلوا إلى إية نتيجة في بيروت ، فما كان من صديقي المذكور إلا إن خاطبه موبخا قائلا له : أن كل من أدعى وأدلى بمعلومات كاذبة ومفبركة ومضللة ابتداء منك وباقي ألابواق سيتم محاسبتهم في اوروبا من قبل سلطاتها القضائية، فالمحققون ألأوروبيون دفعوا مالا من المال العام وقدموا جهدا للمجيء إلى لبنان لملاحقة عمل شركة فوري نتيجة للملفات المفبركة والمضللة التي زعمتم أنتم فيها بأنها تتعلق بقضية غسل أموال في المصارف ألأوروبية إنطلاقا من بيروت كما ورد في مقال كان كتبه أحد أبواقكم للفايننشل تايمز منذ مدة. وأضاف صديقي يقول له : هذا ألأمر سيرتب مسؤولية على قرار القضاة ألأوروبيين الذين في النهاية سيحاسبونكم جميعكم لدوركم في تضليلكم لهم ابتداء منك مرورا بباقي ألأبواق من باريس ولندن وبيرن وفرانكفورت ولوكسمبورغ وصولا لبيروت. واقترح عليه أمام الحضور من ألأصدقاء إلتزام الصمت ووقف تضليله وفبركاته بدءا من هذه اللحظة حماية لنفسه ولعائلته ولعمله حيث تجهم وجهه سكوتا طيلة سهرة العشاء .
الجدير ذكره أن المحقق السويسري لم يرافق المحققين إلاوروبيين في زيارتهم لبيروت لإقتناعه بأن الملف فارغ لا أدلة فيه تستوجب منه التوجه معهم للعاصمة أللبنانية ، علما أن ألإخبار ألأول على سلامة كان في بيرن بسبب تقرير قامت به وزيرة سابقة في حكومة دياب وكان مبني على مغالطات قانونية عدة وعلى مزاعم وفبركات غير مسندة عادت بعدها الجهة صاحبة ألإخبار بالتراجع والإعتذار عنه لأن المعلومات لم تكن دقيقة .
الابواق الإعلامية لم تسكت ولم تستكين جهلا و غباء وظلما بالتهجم على حاكم مصرف لبنان وشقيقه رجا منذ ما قبل الازمة وحتى الساعة . في الداخل و الخارج احتاروا بأسلوب وسخ أن يجدوا ملفا يستطيعون معه إدانة رياض سلامة بشيء و لم يعثروا على أية مخالفة يلبسونها له مهما كانت ويأتون اليوم بثوب القضاء الأجنبي في محاولة لتعميته عن الحقيقة وإشغاله بأسلوب تافه في صغائر الأمور عن طريق إستنطاق بعض المصرفيين عن عمليات شركة فوري التي اسسها شقيقه عام ٢٠٠٢ وأختصاصها تحصيل عمولات لصالح المتداولين بيعا وشراء لسندات الدولة ولشهادات الإيداع التي تتداول فيها المصارف فيما بينها و لا تطال بأي شكل المال العام أو مال مصرف لبنان ولصالح مجموعة من المتعاملين في هذا النوع من النشاط .
أثبتت الأيام والتحقيقات التي قام بها القضاء الأجنبي أن ملف شركة فوري و الإدعاء بتبييض الاموال هو ملف فارغ مبني على أساس مجموعة من التقارير الإعلامية والمقالات الصحفية وأقاوييل من قبل بعض الحاقدين والساعين إلى الإستفادة المالية الشخصية عن طريق الإبتزاز والهجوم السياسي على رياض سلامة بهدف النيل من مصداقيته ونزاهته و هو بطبعه لا يرد على الاقاويل والتلفيقات التي إستعملوها و بنوا عليها هجومهم لأن شعاره الأول والاخير “ما بيصح الا الصحيح” . نشر في جريدة النهار بتاريخ 15 نيسان 2022 مقال يبين الحقيقة الكاملة و الواضحة عن شركة فوري وعن علاقة رجا سلامة فيها مبين بأنها تعمل لصالح مجموعة من الأشخاص يشترون ويبيعون السندات لصالح بعض المصارف والشركات المالية وتنفذ لهم العمليات لقاء نسبة عمولة معينة تجمع في حساب الشركة ومن ثم توزع عليهم كما تنص شروط التعامل بدون المس بالاموال العامة . وانها كباقي الشركات التي تتداول في بورصات العالم بيعا و شراء للأسهم وسندات الخزينة الأميركية وسندات الدين و النفط والذهب و خلافه. والمقال الذي نشر في النهار يوضح سير الاموال في الشركة وكيف انها تتقاضى نسبة من العمولة التي تستحق وإن هذه الاموال هي نتيجة عمل امتد من عام ٢٠٠٢ ولغاية ٢٠١٥ وإن الشركة إنتهى نشاطها منذ مدة طويلة .
سيسالون العديد من الأشخاص ومن المصرفيين عن سير عمل الشركة ويحققون بعملياتها ولن يجدوا ما هو مشين أو غير قانوني و سيعلمون أن نشاطها كباقي مثيلاتها من الشركات قانوني و سليم وإنهم لن يجدوا ولو قصاصة ورق صغيرة مخالفة للقوانين وأعرا المالي .
سيخسرون معركتهم لا محالة و ستأتي البراءة من القضاء الأجنبي و إقفال الملفات المفتوحة وسيموتون من غيظهم و سترتد عليهم أكاذيبهم وتلفيقاتهم وأن الحق يعلى و لا يعلى عليه من قبل أي حاقد وسفيه.
لم يدخل صندوق النقد إلى أي دولة من دول العالم بداعي المساعدة الا و خربها و عاث فسادا بنظامها المالي و الاقتصادي مما يؤدي إلى تدهور الحالة الاجتماعية من الناحية المعيشية و الصحية و التربوية ، و ذلك من خلال شروطه التعجيزية التي يفرضها على طالبي المساعدة .
ولا شك أن تدهور الأوضاع في هذه الدول مربوط دائما بتدهور العلاقات السياسية مع الغرب خصوصا مع الولايات المتحدة الأميركية أكانت مطالب تفرض بالقوة واو مواقف تطلب منها . و الحالة اللبنانية ليست بعيدة عن هذا بالشكل و الموقف فالحصار فرض على لبنان منذ عام ٢٠١٦ و الخراب أتى مع تحريك مجموعة الخراب المدني الممولة تحت ستار ‘NGOS التي تحركت سواسية مع مطالب تافهة و بسببها خلقت أجواء التدهور و الدخول في الازمة . هذا و لم يخجل المسؤولون الاميركيون من التصريح العلني عن غاياتهم و عن المبالغ الطائلة التي انفقت أو عن استعمالهم لمجموعة من المستشارين و المسؤولين اللبنانيين و الذين يدورون في فلك الحكومات و رجال السياسة في لبنان . و من تاثيراتهم على الوضع بداية من تخلف حكومة الرئيس دياب عن دفع اليوروبوند بمؤازرة من عدة سياسيين كانوا يمسكون زمام الحكم و السلطة إلى خطط التعافي المدمرة التي وضعت لتنهي ما تبقى من ركام و أسس يمكن إعادة البناء عليها للنهوض مجددا كتدمير القطاع المصرفي و زعزعة الثقة بالسلطة النقدية و مصرف لبنان و الهجوم الممول ماليا من عدة مصادر في الصخف و الإعلام ووسائل التواصل ادى الى انهيار الثقة بكل شيء.
في محيطنا دولة عمدت إلى إدخال صندوق النقد لمعالجة العجز في موازناتها و العجز في مصادر تمويل المشاريع و النقص الحاد في العملات الصعبة .جمهورية مصر العربية أدخلت صندوق النقد ليؤمن لها قروض تستطيع معها إتمام مشاريع انمائية كالتوسعة في قناة السويس و بناء العاصمة الإدارية و تأمين معامل لتوليد الطاقة الكهربائية ولقاء هذه القروض فرض الصندوق شروطه كالعادة من تحري سعر صرف الجنيه و رفع الدعم عن المواد الغذائية و عن المشتقات النفطية و …و بالتالي ارتفع سعر صرف الدولار من ٤.٨ جنيه إلى حوالي ٣٠ جنيه و الفائدة الى حدود 25 % انخفضت القدرة الشرائية للمواطن المصري مع ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية و بالتالي اشتدت المطالبة لرفع الأجور و عليه ازداد أنفاق الدولة و ارتفع عجز الموازنة و اختفت العملات الصعبة من خزائن البنك ألمركزي و دبت الفوضى و عم الغلاء حتى مع رفع الأجور إلى مستويات عالية . كل ذلك لقاء قرض بقيمة ٦ مليارات دولار على ١٠ سنوات يدفع فصليا على أجزاء.
في لبنان أقر الصندوق اتفاق مبدأي غير نهائي بمنحنا قرض قيمته ٣ مليار لأربع سنوات يدفع أيضا فصليا لقاء ما يراه الصندوق مناسبا من شروط تنفذها السلطة السياسية و عند أول قسط سيدفع من القرض (١٨٥) مليون دولار سيفرض عندها شروط جديدة لتنفيذها قبل استحقاق القسط الثاني .
حكومة حسان دياب اقرت خطة دعم أجبرت مصرف لبنان على تمويلها كلفت خلال عام حوالي ٨ مليار دولار و دعم مازوت بقيمة ٥ مليار دولار تم تهريبه إلى سوريا و بيعه باضعاف سعره المتداول .مؤسسة كهرباء لبنان استعملت حوالي ٢٦ مليار دولار خلال ١٠ سنوات قيمة اعتمادات الفيول .أنفقت الدولة على بعثاتها الدبلوماسية و تحاويلها للخارج ٨ مليار دولار ؟ لذلك ما حاجة لبنان إلى ١٨٥ مليون دولار كل ٣ أشهر قد لا تصل إلى خزينة الدولة الا بالذل و الهوان و الفرض و ربما و هذا المرجح باخذ القرار السياسي إلى حيث يريدون .؟
لسنا بحاجة إلى صندوق النقد في بلد يستورد سنويا بأكثر من ١٢ مليار دولار و في خزائنه من الذهب ما يوازي ١٨ مليار دولار و لديه مرافىء خدمات و أصول تساوي في حدها الادنى ١٠٠ مليار دولار و لدى الدولة السيادة و حق الترخيص بقيمة أعلى من ١٠٠ مليار دولار و فيها اراض و عقارات إيجارها السنوي أكثر من ١٠ مليار دولار و لديها أملاك بحرية موضوع اليد عليها بقيمة أعلى من ١٥ مليار دولار و….و لديها…..و لديها…. و الأهم كما يروجون ان الترسيم البحري سيسمح لنا باستخراح غاز و نفط لا نعلم حدود قيمته حتى الآن .
لسنا بحاجة إلى ذل الصندوق و أمواله المقترضة بفائدة تحز و تجر رقابنا بحبل يشد مجرى الهواء و التنفس و لسنا بحاجة إلى ازلامه و جواسيسه يستغلون بعض اللبنانيين بالوهم و الترويع بانهم و الصندوق يعني الخلاص .نحن بحاجة الى خطة عمل مدروسسة تحول الأقتصاد الى آلة منتجة و متخصصة في الميادين المختلفة من زراعة و صناعة و تكنولوجيا و الى اقتصاد معرفة يستغل الطاقات و الامكانيات الموجودة .
لا توجد دولة في العالم كله استدانت من شعبها و لم تعمد الى سداد دينها ؟
دأبت الحكومات المتعاقبة و على امتداد فترة ٣٠ عاما بالاستدانة لتمويل عجز الموازنة السنوية عن طريق قانون الموازنة أو قوانين خاصة اخرى اقرت من قبل المجلس النيابي بعد احالات لمشاريع القوانين من الحكومات اليه . و هذه الاموال التي انفقتها الحكومات تشكل اليوم رصيد الدين العام اي ما يقارب ١٠٠ مليار دولار . قد يقول البعض انها أموال مسروقة و منهوبة من قبل الطغمة السياسية التي حكمت البلاد خلال الفترة السابقة و هذا الكلام غير دقيق ؟ قد يكون مثلا ٢٠% او اكثر قليلا من أصل المبلغ قد هدر من ضمن صفقات و التزامات و صناديق و تعويضات على مشاريع استغلتها الطبقة السياسية لمنفعتها و منفعة ازلامها لكن مجموع الدين العام قد أنفق فعليا من قبل الحكومات التي حكمت لبنان خلال الفترة السابقة .و هذا الإنفاق لا علاقة للدائنين بوجهة استعماله و اذا أرادت الدولة تصحيح خلل انفاقها عندها عليها أن تعود قضائيا و محاسبيا على من تولى مسؤوليات الإنفاق.
البلد الآن أمام معضلة تتمثل بتشابك المصالح ما بين أطراف النزاع فالدولة هي المدين الأساسي و مصرف لبنان هو المدين الثانوي و المصارف هي المدين المباشر و المسؤول و الدائن الوحيد هي أموال المودعين لجزء كبير من الدين العام .
لتفصيل العمليات المالية التي تمت نرى :
أولا: إن المودع وضع أمواله لدى مصرف و على مسؤوليته و لقاء فائدة و هو اختار المصرف و قبل التعاقد معه .
ثانيا : المصرف و على مسؤوليته الكاملة و مسؤولية رئيس و أعضاء مجلس الإدارة و القيمين على العمل فيه .قبل أموال المودع و التعاقد معه و تعهد إدارتها و الحفاظ عليها إدارة الاب الصالح دون تحميل المودع اي مخاطر ناتجة عن توظيفها وعليه استعمالها دون مغامرة أو جشع .
ثالثا: مصرف لبنان تلقى جزء من هذه الاموال من قبل المصارف و اودعتها لديه لقاء فوائد و اغراءات تقبلت هي تحمل مخاطر هذا التوظيف و بدوره عمد مصرف لبنان استنادا لقوانين , اقراض الحكومات المتعاقبة هذه الودائع المصرفية بالإضافة إلى أمواله الخاصة .
رابعا : الدولة اقترضت مباشرة من القطاع المصرفي بواسطة سندات خزينة بالليرة اللبنانية و يوروبوند بالدولار الأميركي( ٣٤ مليار دولار و ٣٥ الف مليار ليرة لبنانية نهاية ٢٠١٩ ) و كذلك بعد أن استنفذت قدرات القطاع عمدت إلى الاقتراض مباشرة من مصرف لبنان لتمويل اعتمادات مؤسسة كهرباء لبنان و استيراد المازوت لصالح وزارة الطاقة و كافة الحاجات المطلوبة للدولة من القطع الأجنبي ووصل رصيد الدولة المدين لدى مصرف لبنان لحدود ٦٨.٥ مليار دولار .
من هذه الصورة المبسطة لعملية اختفاء الاموال نرى أن الدولة هي المدين المباشر لكافة مصادر التمويل .
الدولة كما هو مفروض خصم شريف تحكمه القوانين ( قانون التجارة و قانون النقد و التسليف ) و بالتالي لا تستطيع نكران استعمالها للاموال و حجة الفساد و الهدر مسؤولية من تولى السلطة السياسية خلال ال ٣٠ عاما المنصرمة .و لان الحكم استمرارية لا تستطيع اي سلطة أو حكومة سياسية التهرب من سداد الاموال المستعملة و باي طريقة يراها الدائنون مناسبة للحصول على دينهم .اي المطلوب أولا و آخرا أن تعمد الحكومة إلى:
– الاعتراف المباشر و الصريح بدين الدولة و رصيده.
– التفاوض المباشر مع الدائنين للوصول إلى حل يناسب الجميع و وضع الخطط المناسبة للوصول الى سداد هذا الدين .
– التوجه إلى القضاء لاستعادة ما تراه الدولة هدر و سرقة و فساد .
– التدقيق الجنائي في كافة مصادر الهدر و الفساد في وزارة الطاقة و مؤسسة الكهرباء و في الصناديق و المجالس .
– تأمين فريق الدائنين نفسيا و سحب فتيل الخسائر عن كاهلهم خصوصا القطاع المصرفي و المودعين .
لا مسؤولية تقع على كاهل المودع بأي طريقة كانت و أمواله يجب أن تصان و تحفظ و على الدولة و مصرف لبنان إجبار القطاع المصرفي ليعترف بقدسية الودائع لديه .
تتحمل المصارف جزء من المسؤولية لتوسعها المخيف في إقراض الدولة بشكل مباشر و في ايداعاتها المبالغ فيها لدى مصرف لبنان طمعا بايرادات حققت من خلالها ارباحا راكمتها على شكل أموال خاصة و احتياطيات و توسعات داخلية و اقليمية و دولية .
و هي المسؤول الوحيد اتجاه المودعين باموالها و أموال القيمين عليها أصول و فروع .
الحكومات المتعاقبة و الطبقة السياسية تتحمل اكبر مسؤولية لاجبارها مصرف لبنان بواسطة القوانين على السعي الدائم لإيجاد مصادر تمويل لعجز الكهرباء و المازوت و نفقات الدولة و استعمالها المادة ٩١ من قانون النقد و التسليف لاجباره على ذلك .
لذلك سيبقى الحل الأول و الاخير بيد السلطة السياسية و مدى جديتها بأنهاء الأشكالية و اخذ القرار الصحيح و المناسب لمعالجة موضوع الدين المتوجب بذمة الدولة و وضع الخطة المناسبة لسداده .
حملة باسيل على سلامة وحرده من حزب الله هدفه إزاحة الأول من السبق الرئاسي والضغط على الثاني لايصاله الى بعبدا.
يسجل ل beirut-act بأنها كانت السباقة في الكشف عن الرواية الكاملة لمؤامرة ألإنهيار النقدي ومسؤولية باسيل ودياب المباشرة عنها بتعاون الوزيرين منصور بطيش ودميانوس قطار ومدير عام المالية السابق آلان بيفاني والمستشار شربل قرداحي . وكما يسجل ل beirut-act أيضا بأنها كانت السباقة في الكشف عن مسلسل المستندات المزورة على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من بيروت مرورا بباريس ولندن ولوكسمبورغ وصولا لبيرن حيث نشرت كافة تفاصيلها حول من كان وراءها من مسؤولين وقيادووزراء ومدراء عامين ومستشارين ومصرفيين والتي كان هدفها خدمة المشروع السياسي لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من أجل الوصول إلى سدة الرئاسة عبر ضرب حجر لإصابة عصفورين معا هما:
حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وحزب الله , الاول وذلك عبر تحميله مسؤولية الإنهيار النقدي وتصويره أمام اللبنانيبن بأنه هو الذي أطاح بودائعهم في المصارف و بإدعائهم الكاذب بإنه هو الذي غطى على فساد المنظومة السياسية الحاكمة وتآمر مع أصحاب المصارف لتهريب أموالهم إضافة إلى شراكته معهم في الصفقات والسمسارات عبر الحكومات المتعاقبة طوال ٢٥ سنة إلى جانب إتهامه أيضا زورا وظلما بتبييض ألاموال وشقيقه رجا وإبنه نادي وبعض مساعديه من عمليات بيع سندات اليورو بوند وإكتتابات المصارف بسندات الخزينة حيث تمت شيطنته وتشويه صورته وسمعته لإحراق حظوظه الرئاسية لانه كان ولا يزال يعتبر من أبرز ألأسماء المطروحة المرجح إنتخابه لكونه القادر على حمل البلد من جديد وإعادة إنقاذه وأهله من ألأزمة الوجودية غير المسبوقة التي يعيشونها أليوم . والثاني أيضا من خلال تحميله وسلاحه المسؤولية المباشرة فيما وصلت إليه البلاد من درك إجتماعي وإقتصادي ومالي لانه لم يساعد عهد عون المنصرم في ضرب الفساد وإقرار الاصلاح السياسي والإداري والمالي لأنه يحمي فساد المنظومة السياسية مقابل سكوتها عن سلاحه حسب إدعائه هو والذي بات برأيه هذا ألأمر يشكل عائق أمام تنظيف الدولة بسلطاتها وإداراتها وأجهزتها من الفساد السياسي .
ولهذا فأن حملة باسيل العنيفة والشرسة على سلامة وحرده العلني من حزب الله الهدف من ورائه كان ولا يزال إزاحة ألأول من السبق الرئاسي والضغط على الثاني لدعم إيصاله للرئاسة وفي المقابل إيهامه بأنه هو الوحيد القادر على حماية ظهير مقاومته في الداخل والخارج أذا ما إختاره للرئاسة أما إذا لم يفعل ذلك فهو الوحيد القادر على تعريته داخليا وخارجيا وتركه وحيدا يواجه مصيره بنفسه كاشفا ظهيره مسيحيا ووطنيا . فبين الحملة على سلامة وبين إبتزازه لحليفه أدخل باسيل البلد بفراغ رئاسي يعتقد هو أن حظوظه قد تعود لتطل من جديد بقوة إذا ما طال هذا الفراغ ولهذا نناشد الرئيس بري ومعه قيادات الكتل النيابية الوازنة من كتلتي الثنائي الشيعي إلى كتلتي الاشتراكي والقوات ومعهم النواب السنة المستقلين منهم أو المنتمين إلى تيارات سياسية حزبية ألإلتفاف حول مشروع سلامة للانقاذ المالي والنقدي” الذي كان عرضه على الرئيس حسان دياب بعد أسابيع قليلة على تشكيل حكومته مطلع العام ٢٠٢٠ . واليوم سلامة قادر إذا ما وصل للرئاسة ان ينفذ برنامجه الأصلاحي للأزمة المالية و النقدية منقذا البلد من وضعه المزري .
فرح كثيرون وهللوا عندما أذيع نبأ وصول مجموعة من قضاة التحقيق ألأوروبيين إلى بيروت لجلاء التحقيق في ملف تبييض ألأموال التي فبرك ظلما ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من قبل بعض المسؤولين السابقين وبعض الجهات السياسية . وأعتقد ألذين هللوا وفرحوا لقدوم ألوفد ألقضائي ألأوروبي أن مجرد وصوله إلى بيروت للتحقيق في هذا الملف مع عدد من أصحاب المصارف يعتبر إدانة بحق سلامة ودليل على تورطه مع شقيقه رجا وإبنه نادي في ملف تبييض ألأموال . ولكن أصيب هؤلاء بخيبة أمل كبيرة عندما علموا أن الوفد القضائي ألأوروبي جاء ألى لبنان لتصويب مسار التحقيقات الجارية في هذا الملف ولرفع الظلامة عن سلامة وشقيقه وأبنه وكل المصرفيين الواردة أسماءهم فيه بعدما تكشف للمدعيين العامين ألأوروبيين ولقضاة التحقيق عندهم زيف هذه ألإدعاءات نتيجة خلو الملفات التي رفعتها الجهات السياسية التي فبركت هذه الملفات أمام القضاء اللبناني والقضاء الفرنسي والإنكليزي والألماني والسويسري من ألأدلة الدامغة التي تدين سلامة وشقيقه وأبنه . وbeirut _act تكشف في هذا ألإطار أن قضاة التحقيق السويسرانيين إعتذروا عن مرافقة زملائهم الفرنسيين والبريطلنيين والالمان خلال زيارتهم لبيروت بعدما تأكد لهم أن كل الإتهامات التي سيقت ضد سلامة ما هي إلا أتهامات مزيفة ومفبركة ولا تستند لأية دليل حسي ودقيق وصحيح . ولم يكتفي القضاة السويسرانيين بذلك بل أنهم أبدوا إمتعاضهم الشديد من ذلك ودعوا زملائهم قضاة التحقيق الاوروبيين لملاحقة الجهات التي فبركت مثل هذه الملفات على سلامة سواء كانوا سياسيين أو محامين من الناشطين في بعض جمعيات المجتمع المدني الذين تجرؤا لرفع ملفات مفبركة أمام المحاكم السويسرية والأوروبية فقط لتشويه صورة سلامة وألحاق األاذى به وبسمعته معتقدين أن مثل هذه الملفات المفبركة قد تنطلي على قضاة التحقيق في سويسرا وغيرها من دول ألأتحاد ألأوروبي . كما كشفت المعلومات أن قضاة التحقيق في سويسرا أبلغوا زملائهم الذين توجهوا إلى بيروت أنهم أغلقوا التحقيق في أتهامات سلامة نهائيا بعدما تبين لهم زيفها وفبركتها وأن أحترامهم لأنفسهم وللقضاء في سويسرا لا يسمحان لهم بالتحقيق في ملفات مفبركة وغير صحيحة .
وإنطلاقا مما تقدم فإن وجود قضاة التحقيق ألأوروبيين في بيروت هو إدانة للجهات التي فيركت هذه الملفات على سلامة وتبرأة له من كل هذه التهم التي أعدها ثلاث وزراء سابقين للمالية والاقتصاد والداخلية يعاونهم مدير عام سابق وعدد من المستشارين الماليين لرئيس جمهورية سابق ورئيس تيار سياسي حالي