يسجل مدير عام بنك عودة خليل الدبس لحاكم مصرف لبنان كريم سعيد جرأته في مقاربته لموضوع منع التحوييلات المالية في اي دعوى تقام ضد المصارف في الخارج عبر التعميم الذي أصدره مصرف لبنان بهذا الصدد قبل اسابيع خلت بعدما زادت الدعاوى ضد المصارف اللبنانية المقامة أمام بعض المحاكم الغربية . معتبرا أن جرأة سعيد في تعميمه هذا كانت بمثابة وضع الاصبع عالجرح في الذهاب للبدء في معالجة أزمة الودائع عبر ضرورة الشروع في اقرار قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي للتوصل إلى حلول نهائية تحفظ اموال المودعين . لاشك فيه أن كلام الدبس واشادته بتعميم سعيد يجعل اعداد الحكومة لقانون اعادة هيكلة القطاع المصرفي واصدار مراسيمه التطبيقية يصبح امرا ملحا وضروريا يجب ان تتوصل اليه بوقت سريع لانهاء الازمة والدخول في معالجة القضايا العالقة حولها واهمها الودائع و كيفية اعادتها لاصحابها .
القانون بحد ذاته تنطوي مواده على كمية جافة من التعابير القانونية ، وعلى اسلوب التعامل والتصرف تجاه القطاع ، خصوصا لجهة تعيين واختيار لجنة خاصة تقوم بدراسة الوضعية لكل مصرف على حدى ، لتحديد حجم خسائره والمبالغ المطلوبة من مساهميه لردم فجوته المالية ، التي ستحدد حكما المصرف القادر على الاستمرارية والبقاء او ألمصرف الآيل للدمج مع مصرف آخر أو المصرف الذي يجب شطبه من لائحة المصارف العاملة .
مدى أهمية هذا القانون وتطبيقه يعتمد على معطيات يجب البت بها و إيجاد حلولا ناجحة لمعضلاتها قبل الاخذ به فمثلا :
1- تحديد الجهة المسؤولة عن اعادة الودائع او بالاحرى اعادة الاموال التي اختفت من القطاع المصرفي ومعرفة سبب اختفائها وكيفية استعمالها وهي في هذه الحالة الدولة اللبنانية وحكوماتها المتعاقبة منذ عام ٢٠١٠ وحتى تاريخنا هذا . وأعتراف الدولة بالدين المطلوب سداده منها سيكون المدخل الاساسي والوحيد لبداية الحلول .
2 – عند اعتراف المدين بدينه الذي يعجز عن سداده وهي حالة دولتنا للاسف يتم تحديد اسلوب السداد وامتداد زمنه وقيمته وطرق التسديد …
3 – تحديد حجم الخسارة الناتجة ، وتأثيرها وقيمتها الكلية ، وكذلك توزيعها على الدائنين لكل مصرف على حدى .
4- يعالج عند تحديد الخسارة اسلوب انتهاج مبدا البقاء او الدمج او الزوال لكل مصرف على حدى .
لذلك ان اقرار القانون ومراسيمه التطبيقية لا يعني بدء القدرة على تنفيذه ، قبل وجود خطة لاعادة الودائع وتحديد خسارة المصارف استنادا لاموالها الموظفة المستعملة من قبل الحكومات التي انفقت دائما اكثر من ايراداتها وحققت عجزا متراكما عام بعد آخر ووصلت بحجم الدين العام إلى حدود 100 مليار دولار .
باسلوب مختصر وبغض النظر عما اوردناه فان تحديد حجم الخسائر يعني استقطاعها من أموال المودعين ، وبالتالي كل الخطط التي وضعت من بداية الأزمة وحتى اليوم تعتمد كلها على “هيركات” معين لحجم الودائع وهذا الاستقطاع في مجموعه سيشكل حجم الاموال اللازم ضخها لاعادة هيكلة القطاع يضاف اليه زيادة حجم اموال المصارف الخاصة لتعزيزها بعد انهيار سعر صرف الليرة وتحديد حجم مسؤولية كل جهة عن هدر الودائع وسوء تصرف كل منها مما أدى إلى تحقيق خسائر أكيدة ولو كانت على أنماط وأشكال مختلفة . من هنا علينا أن نكون على الحياد واعطاء الراي بكل تجرد وموضوعية :
أولا: المسؤولية الاساسية هي مسؤولية المدين تجاه دائنه ، اي مسؤولية الدولة وحكوماتها ، منذ أكثر من ٣٠عاما من الانفاق واطفاء العجز في الموازنات السنوية ، وتمويل الهدر في مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة.
ثانيا : مسؤولية الدائن الاول للدولة اي مصرف لبنان على تلبيته طلبات الدولة المالية وتامين القروض لها ولو كانت استنادا للمادة 91 من قانون النقد والتسليف . فقد بلغت ديون مصرف لبنان للدولة حدود 70 مليار دولار ، من اصله حوالي 45 مليار دولار ، استعملتها الحكومات المتعاقبة لدعم مؤسسة كهرباء لبنان . ولأن مصرف لبنان لا يستطيع تامين هذا الحجم من الدين بواسطة امواله الخاصة عمد إلى استدراج الاموال من القطاع الخاص كالمصارف والشركات المالية .
ثالثا: المصارف هي الفريق الثالث في تحمل المسؤولية تجاه المودعين ، ومسؤوليتها هنا (هذا ليس دفاعا عنها) تقع في بند “ثقتها” بمصرف لبنان (هي محقة في ذلك) أكثر من مسؤوليتها المالية ، فهي قد اودعته كم هائل من الاموال على شكل شهادات ودائع وحسابات مختلفة واحتياطي الزامي مفروض قانونا عليها ، من دون تنبهها لمخاطر هذا الامر ، لانها ايداعات عالية الخطورة ، لكونها اقرضتها لجهة واحدة فقط ، مع علمها ان مصرف لبنان يقرضها بدوره للدولة ، وهنا الاهمال الاول الذي وقعت فيه والاهمال الآخر هو توظيفها الكبير في سندات الدولة المباشرة (الاورو بوند) بمبالغ وصلت إلى 34 مليار دولار والتي قيمتها السوقية اليوم باحسن الاحوال لا يتعدى 6 مليار دولار . لن تستطيع الحكومة الحالية الخروج بخطة لاسترجاع الودائع ودفعها لاصحابها الا بالتفاوض المباشر مع أصحاب الاموال الاساسيين وهم المصارف العاملة في القطاع . ولان هذا القطاع منظم و منتظم ، تمثله جمعية منتخبة ومقتدرة من كافة اعضائه يصبح التفاوض المباشر اسهل واهين وهذا ما يحتم على الدولة مشاركة الجمعية في ايجاد الحلول ووضع الخطط الناجحة للخروج من هذه الازمة . ولكي تكون الحلول مفيدة فان مشاركة الجميع في التفاوض على اسس متينة وواضحة ستؤدي حتما للوصول إلى “حل واقعي وسليم” يرضي اولا المودعين على اختلاف شرائحهم الصغيرة والمتوسطة والكبيرة ، وثانيا القطاع المصرفي ، وثالثا الدولة التي تنهي بذلك ازمتها المالية حول هذا الموضوع الوطني للعام الذي يهم كل اللبنانيين من مواطنين إلى لصحاب مؤسسات تجارية وصناعية ونقابات مهن حرة كالاطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين وصولا إلى شريحة واسعة أيضا من المودعين ألعرب .
تأخرت جمعية المصارف بعض الشيء عن المطالبة بإصلاح الوضع المالي والمصرفي الذي ساد في لبنان بعد أزمة تشرين 2019 ، ولم تبادر إلى إتخاذ إجراءات تحفظ حقوق المودعين لديها وكذلك حقوق المساهمين فيها . وذلك لعدة اسباب و ظروف قد يكون بعضها قاهرا والبعض الآخر تقاعسا ، وهذا ما آثار نقمة معظم الأعضاء المنضوين والمنتسبين إليها . كمثل عدم مقاضاة الجمعية للدولة تحصيلا لحقوقها في اليوروبوند بعد إتخاذ حكومة الرئيس حسان دياب قرارا بعدم دفع استحقاق السندات بتاريخ آذار ٢٠٢٠ ، وانهيار سعر الصرف وتدهور أوضاع المصارف أصحاب السندات وحملة شهادات الإيداع لدى مصرف لبنان ، حيث لم تبادر عندها الجمعية للضغط على المسؤولين لتحصيل حقوق اعضاءها ولم تقاضي الدولة لتحصيل أموالها مخافة من رد فعل المسؤولين السياسيين وحكام البلاد على أعضائها . و مما ساهم بعدم الملاحقة القانونية للدائنين رغبة بعض أعضاء الجمعية بالعمل السياسي والطموح المفرط للوصول إلى مراكز سياسية معينة .
و النقمة التي سادت و غمرت معظم أعضاء القطاع المصرفي من مصارف متوسطة وصغيرة الحجم ضغطت على جمعية المصارف لتغيير أسس التعامل معهم و عدم تهميش ٧٠% من المصارف ذات الحجم المتوسط وما دون . ولإمتصاص هذا الامتعاض تم تعديل النظام الداخلي للجمعية بإضافة عضوين جديدين يمثلان أكثر من ٤٠ مصرفا عاملا في لبنان .
وزيران سابقان شابان يحملان درجات علمية عالية ولهم ما يكفي من الخبرة والتمرس في العمل المصرفي الحديث ، أفكارهم نيرة ولديهما أساليب حديثة مبتكرة لمعالجة الازمة المالية – المصرفية . الوزير السابق مروان خير الدين رئيس مجلس إدارة مدير عام بنك الموارد ، والوزير السابق رائد خوري مدير عام سيدروس بنك ، يحاولان منذ بداية الازمة العمل بجهد مع باقي أعضاء الجمعية إتباع طرق معينة في المعالجة قد تساهم في رد جزء من حقوق المودعين وأموال ألمصارف في حدها الادنى و تكون بداية لحل الازمة من أساسها .
تلاقت افكار خيرالدين وخوري مع افكار أعضاء أللجنة ألثلاثية ألتي شكلتها الجمعية للبحث في وضع مشروع لحل أزمة الودائع بكافة شطورها ألصغيرة والمتوسطة والكبيرة ، والتي تضم في عضويتها خليل الدبس رئيس مجلس إدارة مدير عام بنك عودة ، وليد روفايل رئيس مجلس إدارة مدير عام أللبناني – ألفرنسي وأمين عام عواد مدير عام مجموعة لبنان والمهجر . والجمعية مشكورة دون أستثناء من رئيسها إلى كافة أعضائها لكونها تعمل بأخلاص وأمانة عبر هؤلاء الثلاثة ألأكفاء والمحترمين والجديين لتحصيل حقوق جميع ألمودعين والمساهمين في المصارف المحلية ايذانا بايجاد حل شامل ونهائي للأزمة المالية التي لا زالت تعصف بالبلاد ، والتي نأمل بتضافر الجهود الخيرة بين الجمعية والحاكم الجديد لمصرف لبنان والحكومة بإعلان بوقت ليس ببعيد الخبر السار للمودعين بقرب حصولهم على مدخراتهم وجنى عمرهم .
يردد دائما المحامي القدير والمحترم أكرم عازوري أن القضاء بصورة عامة هو قضاء نزيه لا غبار عليه لكن السلطة القضائية أينما كانت هي مسيسة تتبع مصالح دولها وتوجهات قياداتها العليا . هذا الكلام العظيم والراقي كصاحبه عاشه اللبنانيون بعد أغتيال ألرئيس رفيق الحريري (رحمه الله) في التعدي الظالم الذي تعرض له الضباط ألأربعة وإلإتهامات غير ألمبررة التي سيقت ضدهم من قيادات وسياسيي ١٤ أذار هذا عدا ألملفات التي فبركت لهم من أجل إلباسهم زورا تهمة ألإغتيال في القضاء أللبناني والدولي والكل يذكر المحقق ألألماني ديتليف ميليس والدور الكبير الذي قام به مع مساعديه من محققين ألمان وفرنسيين وإنكليز وأميركان في حبك خيوط ألملفات المفبركة تلك عليهم ووضعها أمام قضاة التحقيق داخل وخارج لبنان وكأنه لا شك فيها حيث جرى أعتقالهم على أساسها لأربع سنوات من دون وجه حق . وكلنا يذكر كذلك كيف سخرت مؤسسات أعلامية لبنانية وعربية شاشاتها لقيادات ومحللين وخبراء سياسيين وأمنيين وعسكريين لإتهام الضباط ألأربعة بوقائع تآمرهم وتخطيطهم وتنفيذهم للأغتيال وكإن هذا ألأمر صحيح مما دفع نصف اللبنانيين إلى تصديق هذه الروايات وأنجرفوا مع هذه الموجة وأصدروا أحكامهم عليهم ليس بالسجن المؤبد بل بالإعدام حتى . ورافق تلك الحملات الاعلامية والسياسية المحلية العنيفة ضدهم حملات لا تقل شراسة عليهم أيضا في الإعلام الغربي المكتوب والمرئي مترافقة مع مذكرات أعتقال بحقهم في دول إوروبية لسوقهم إلى المحكمة الدولية لمحاكمتهم .
مع أعتقال رياض سلامة اعاد التاريخ نفسه وتكرر ذات ألسيناريو الذي حصل مع الضباط الاربعة .فمنذ لحظة إندلاع إنتفاضة ألحراك ألمدني في ١٧ تشرين ألأول عام ٢٠١٩ سقطت هيبة الدولة وسقط معها هيبة القادة والزعماء أمام هول ألإحتجاجات والحملات العنيفة التي طاولتهم بالشخصي هم وزوجاتهم وأولادهم ومعهم أزلامهم بالتزامن مع حملات مماثلة طالت سلامة وعائلته أيضا التي ذكرنا إصدار مذكرات ألتوقيف بحقه كتلك التي صدرت بحق الضباط ألاربعة قبيل توقيفهم عام ٢٠٠٥ والتي أستندت يومذاك على ملفات من صنع أجهزة مختصة مشابهة لتلك التي حيكت وتحاك لسلامة اليوم والتي أعدها بعض الخبراء الماليون والمصرفيون خدمة لأجندات خارجية تؤدي بالبلد إلى مزيد من ألإنهيار المالي والنقدي . وحتى يخرج رياض سلامة بريئا من كل هذه الإتهامات كما حصل مع ألضباط ألأربعة يحتاج القضاء المحلي والاوروبي ألذي نقدر ونحترم إلى وقت غير قصير لتبيان الحقيقة العارية لهذه الملفات وكشف حقيقة معدينها. وبدل من أن يعمد المسؤولون إلى ألإتعاظ مما أرتكب ظلما بحق ألضباط ألاربعة ويسارعوا إلى أطلاق سلامة نراهم يتقاعسون ويلهون أللبنانيين بملفاته المفبركة عليه ويدخلونهم بالمماحكات السياسية ألعقيمة ظنا منهم أن هذا ألأمر من شأنه إبعادهم عمن كان هو المسؤول الحقيقي عن ألأنهيار المدمر للبلد ولعملته الوطنية .
خلال تسلمه مهامه دعا الحاكم الجديد لمصرف لبنان ج ميع المصارف إلى ضخ اموالا جديدة ونلك التي لا تستطيع ذلك عليها أن تندمج مع بنوك أخرى ، وفي حال رفضت سيتم سحب تراخيصها حفاظا على أستقرار النظام المصرفي .
ما قاله الحاكم الجديد والذي تزامن مع طرح قانون هيكلة المصارف الذي رفعه وزير المال الى الحكومة تمهيدا لإحالته إلى مجلس النواب لدرسه وأقراره . يدفعنا للبحث في تركيبة القطاع المصرفي أللبناني ودراسة إمكانيات وقدرات مؤسساته التي يجب تنقية الشوائب منها وغربلة أعضائه وتصنيفها بشكل مسؤول وجدي استنادا لتاريخ كل منها في خدمة المستهلك والمودع ومدى مساهمتها في تعزيز الاقتصاد الوطني . من هنا صنفت ووزعت المصارف العاملة في لبنان ضمن اربع مجموعات تختلف تركيبتها بإختلاف إمكانيات وقدرات كل منها على حدى .
– المجموعة الاولى : هي المصارف التي أسست القطاع المصرفي وعززت خدماته ونوعت في التسهيلات التي قدمتها لعملائها وأعطت القطاع المصرفي شهرته السابقة . ونذكر منها فرنسبنك مع الأخوين عدنان وعادل القصار وبنك لبنان والمهجر مع نعمان الازهري وفريقه واللبناني الفرنسي ورئيسه الوزير السابق فريد روفايل والاعتماد اللبناني ورئيسه الدكتور جوزف طربية وبيبلوس مع فرنسوا باسيل وأبنائه والبحر ألمتوسط من ألحريري ألأب إلى ألحريري إلأبن …. وابرزهم كان ولا يزال بنك عودة وتراثه ألمصرفي ألعريق الذي ابتدأ مع جورج وريمون عودة وأمتد لاحقا مع سمير حنا وصولا الى خليل الدبس والعناصر المصرفية ألإدارية القيمة عليه التي ساهمت في نهضته وتنوع خدماته وتبوأه المركز الأول في ألقطاع المصرفي منذ تسعينات القرن الماضي ولا يزال يتصدر هذه المكانة حتى أليوم …
– ألمجموعة الثانية : تشمل بعض المصارف المتوسطة الحجم وقد نجح المشرفين على إدارتها بتطبيق قواعد العمل المصرفي الحديث وتأمين خدمات مصرفية مختلفة نذكر منها البنك اللبناني للتجارة وفيرست ناشيونال بنك وبنك الموارد الذي كان لمديره العام الوزير السابق مروان خيرالدين دور متقدم في ارساء قواعد العمل المصرفي السليم إلى جانب المصارف الكبيرة .
– المجموعة الثالثة : هي المصارف التي توقفت عن النمو منذ أكثر من عشرين عاما سواء كان بحجم ودائعها أو بإجمالي حجم أموالهاالخاصة أو بنوعية الخدمات المقدمة لزبائنها .
ألمجموعة الرابعة : هي البنوك التي توقف نصف عددها خلال الأزمة والنصف الاخر لا يمكن أن يوصف بمصرف سوى بالاسم الذي يطلق عليه وهذا ما كان أشار إليه الحاكم الجديد لجهة دمجها أو شطبها .
انطلاقا مما تقدم إن تطبيق قانون هيكلة ألمصارف سيعنى بدراسة وضعية كل مصرف على حدى من مصارف المجموعات ألاربعة ألآنفة ألذكر لتحديد حجم الخسائر المتوجب ردمها بأموال طازجة جديدة لخلق التوازن ما بين موجوداتها ومطلوباتها ألواردة في ميزانياتها السنوية . ولتحديد هذه ألخسائر يجب أتخاذ قرار على مستوى ألحكومة ومصرف لبنان والقطاع ألمصرفي معا لتحديد مسؤولية كل جهة عن كيفية تسديد أموال المودعين بالنسب التي قد يتحملها كل فريق منهم . وهذا يعني أن حل هذه المعضلة يبدأ بإيجاد مخرج يحفظ حقوق المودعين ويعيد الودائع لأصحابها . لان سداد هذه الحقوق يصلح الوضعيات المالية للمصارف ويعطي صورة أشمل وأوضح للخسائر المتوجب ردمها .
مما لا شك فيه ان كلام الحاكم وأشارته الى ضخ أموال جديدة في القطاع يقصد منه تعزيز ألاموال ألخاصة للمصارف بعد أن إندثرت بسبب تدني سعر ألصرف خلال ألأزمة ألسابقة لكي تعيد أنتاج قدراتها ألتشغيلية وأعادة الثقة بينها وبين زبائنها والعافية إلى القطاع .
أخيرا إن إيجاد حل لدفع ودائع القطاع المصرفي وضخ أموال جديدة فيه سيؤدي إلى فرز ما بين ألمصارف ألقابلة للحياة والقادرة على الاستمرارية والعمل وتلك التي ستدمج أو تشطب عن لائحة المصارف وهذا برأينا سيؤدي إلى بقاء حوالي عشرين مؤسسة ستبني ألقطاع من جديد .
خلال الايام المنصرمة لاحظ مراقبون ومتابعون ومصرفيون كبار قيام مصادر مالية غير معلومة بتسريب اخبار على بعض صفحات ألجرائد ألألكترونية عن قيام أحد أعضاء مجموعة البنك الدولي برفع دعوى قضائية ضد “بنك عودة” للحصول على أكثر من ٢٣٤ مليون دولار أميركي من ألقروض ومدفوعات ألفوائد على مدى ألسنوات ألأربع الماضية . مشيرة إلى أن “بنك عودة” فشل في سداد ألفوائد ألمستحقة عليه من نيسان وتشرين ألأول ألعام ٢٠٢٠ لغاية العام ٢٠٢٤ . موضحة أن مؤسسة التمويل الدولية كانت في ٢٧ آذار من العام ٢٠١٤ قد دفعت مبلغ ٣٧،٥ مليون جنيه أسترليني لبنك عودة بموجب أتفاقية قرض واحدة ، وبموجب أتفاقية قرض أخرى دفع ألصندوق له أيضا مبلغ ١١٢،٥ مليون دولار أميركي . ليتبين من الخبر المذكور ان تلك المصادر مع الاحترام الكلي لها لم تعرف لمن يجب أن يسدد “بنك عودة” ديونه هذه هل ل”مؤسسة ألتمويل ألدولية” أم ل”صندوق ألدين ألعالمي” الذي يديرهما معا حسب قولها صندوق الديون الثانوية (IFC Capitalization) وذلك منذ حصوله على القرضين المشار أليهما آنفا في ألعام ٢٠١٤ ، وفقا لمطالبة ألمحكمة ألعليا .
ومع الأحترام لهذه ألمصادر فإن زجها كذلك بأسم “مصرف لبنان” في حملتها غير الواقعية تلك على “بنك عودة” لم يكن موفقا ، إذ ربما كانت أرادت من ذلك بقصد أو عن غير قصد أقحام مصرف لبنان بهذا ألموضوع عبر ذكر إسمه زورا وبهتانا بالموضوع بغية تصويره بأنه هو أيضا في مواجهة مباشرة مع “بنك عودة” وأظهاره وكإنه يعمل في خدمة المؤسسات المالية الدولية لا في خدمة سياساته النقدية الوطنية وتعاميمه وسهره على ديمومة عمل القطاع المصرفي ألمؤتمن هو على رعايته وأستمراريته ورعاية السياسة النقدية ، كما هو مؤتمن على تأمين ورعاية مالية الدولة لجهة أستمراره بتأمين رواتب الدولة برئاساتها الثلاث وسلطاتها القضائية والإدارية والعسكرية والامنية .
وبناء عليه نسجل الملاحظات التالية :
أولا : إن ألحملة غير الواقعية والغير مبررة على “بنك عودة” يبدو أنها تأتي نتيجة حنق المصادر المالية ألمجهولة تلك من نجاح إدارته في ألصمود بوجه عاصفة ألازمة النقدية غير ألمسبوقة التي شهدها لبنان وباقي المؤسسات المصرفية العريقة فيه .حيث أظهرت إدارة “بنك عودة” في أعقاب تلك ألازمة مسؤولية عالية على مواجهتها وقدرة على تجاوزها بليونة وسلاسة ، محافظة بحكمتها وقيادتها السليمة والكفؤءة على مكانة “البنك ألاولى” في لبنان ، وعلى إحترام المؤسسات المالية والنقدية الدولية والعربية له ولا سيما الاميركية والاوروبية والخليجية منها . خاصة بعدما أستطاع كل من سمير حنا وخليل الدبس وفريق عملهما ألداؤوب والنشط والمثابر ، بتعاونهم المخلص مع مصرف لبنان منذ حاكمه السابق رياض سلامة وصولا لحاكمه ألحالي بالإنابة وسيم منصوري من الحفاظ على استمرار ثقة جميع زبائنهم بكافة شرائحهم الصغيرة والمتوسطة والكبيرة داخل وخارج لبنان بمصرفهم وبادارته السليمة بمن فيهم مؤسسات الاستثمار الدولية موضوع ألإستدانة المشار إليه آنفا . حيث أبدى حنا والدبس وفريق عملهما المخلص كل الحرص لإعادة الودائع لأصحابها من زبائن مصرفهم داخل وخارج لبنان وسداد كامل المستحقات والإلتزامات المالية المطلوبة من مصرفهما وذلك وفق الألية التي سيقرها لاحقا مصرف لبنان بالتفاهم مع جمعية المصارف وبالاتفاق الكامل مع الحكومة ممثلة بوزارة المالية لجهة بدء دفع الاخيرة لديونها المتوجبة عليها تجاه مصرف لبنان والمصارف معا .
ثانيا : نعم يحق ل” بنك عودة” التسلح بتعاميم مصرف لبنان لا سيما تعاميمه المتعلقة بعدم سداد قروض ألإستثمار ، فمثلا بداية العام ٢٠٢٠ كان لأحد المصارف اللبنانية الكبيرة نتحفظ عن ذكر أسمه أستحقاق متوجب عليه أيضا لدفع مبلغ ٢٥٠ مليون دولار أميركي لأحد صناديق ألإستثمار ألدولية لديه فأصدر مصرف لبنان آنذاك تعميم ألزمه بموجبه الإعتذار من ألجهة المالية الدولية المعنية عن الدفع بما فيها الفوائد وذلك بسبب أولا نفاد مسألة الربحية لديه نتيجة الازمة النقدية الراهنة ، وثانيا للحفاظ على السيولة النقدية في محفظته المالية وحمايتها في ظل الوضع الدقيق التي تمر به العلاقة بين المصارف ومودعيها بسبب الأزمة النقدية الحادة التي يعيشها البلد أسوة بباقي مصارف العالم عندما تتعرض بلدانهم لمثل تلك ألأزمات النقدية الحادة . علما إن “بنك عودة” من خلال مكتب المحاماة العريق “ديشارت” الذي كلفه بمتابعة الموضوع قانونيا عنده من الحجج والبيانات ألكافية (بمعزل عن تعاميم مصرف لبنان) التي بإمكانه تقديمها للجهات القضائية المعنية هناك لتبيان حقيقة موقفه القائم ليس على التهرب من الدفع بل إنتظار ما يمكن أن تسفر عنه الحلول لإنهاء الأزمة النقدية الراهنة وفق ألآلية المالية المنتظر ان تقرها الحكومة للقطاع المصرفي ككل .
ثالثا : إن تاريخ عمل “بنك عودة” مع المؤسسات المالية وصناديق الإستثمار داخل وخارج لبنان ، مشهود له بالمصداقية وألثقة والإحترام ألكامل ، لا سيما وأنه لم تسجل له طوال تاريخه المصرفي العريق ، انه تهرب يوما من أي إلتزام مصرفي أو مالي له وعليه . ومؤسسة التمويل الدولية (IFC) كما باقي صناديق ألإستثمار الدولية الذي تعاطت مع إدارته المحترمة بثقة وثبات خلال سنوات عمله المستمر إلى أليوم ؛ تعلم علم اليقين ، أنه لم تسجل عليه يوما ، تهربه من سداد أي إستحقاق مالي واحد عليه ، أو حتى التهرب من دفع فوائده .
ولهذا نقول إن من حق بنك عودة “القانوني” تأجيل دفع “أستحقاقه” ألمشار إليه لحين بت مصرف لبنان مسألة إعادة هيكلة المصارف وتبيان الحل الذي سيعتمد لسداد الدولة اللبنانية مستحقاتها المالية ألمتوجبة عليها لمصرف لبنان والمصارف وبنك عودة في طليعتهم .
نحترم قرارات القضاء وقضاته سواء كانت محقة أم مجحفة . ومن هذا المنطلق نحن لا نعلق لا إيجابا ولا سلبا على قرار النائب ألعام ألأستثئافي في جبل لبنان ألقاضية ألمحترمة غادة عون حول منع سفر رئيس محلس إدارة بنك الموارد الوزير السابق مروان خيرالدين والذي لم يضع إشارته بعد عليه مدعي عام التنفيذ ألقاضي جمال ألحجار ليصبح نافذا . لكن من حقنا أعتبار أن ألشكوى الذي تقدم بها نائب حاصبيا – مرجعيون إلياس جرادة حول ألملف ألمشار إليه آنفا هي تصفية حسابات سياسية – مناطقية . يحاول ألنائب ألتغييري من خلالها تغطية فشل أداءه النيابي أمام ناخبيه كما باقي نواب منظومة ألتغيير مستعرضا عضلاته في ملف يشوبه ألغموض . وتفاصيله متوفرة لأصحاب ألقرار ولا للرأي ألعام المتأرجح أستنادا لأهواء سياسية مناطقية كما يحصل مع ألنائب جرادة ألذي تحول فجأة من طبيب عيون إلى خبير مالي وأقتصادي .
لذلك ما نفهمه أن ألملف هو في أروقة القضاء وبإنتظار نتيجة التحقيقات من غير المسموح لأي كان مهما بلغت درجة تمثيله السياسي أو بالأحرى حقده السياسي ألمناطقي أن يستبق نتائج التحقيق القضائي في هذا الملف لتسجيل مواقف وعنتريات سياسية . فخيرالدين لا علاقة له بملف أوبتيموم من باب سلطة ألقرار فيها كشركة مالية ، ولا علاقة له أيضا بقرارات المجلس المركزي أو إدارة مصرف لبنان الذي يسعى حاكمه بالإنابه وسيم منصوري برصانة وتعقل ملاحقة الامر بعيدا عن الأعلام والشعبوية كما يفعل النائب جرادي وغيره . فخيرالدين هو رئيس مجلس إدارة مصرف قد يكون أشترى أو باع سندات مالية عبر هذه ألشركة ونقطة عالسطر . لذلك ألأفضل للجميع عدم أستباق ألأمور لأن كل المعلومات المتداولة أمام الرأي العام غير صحيحة وغير مكتملة
كشف ديبلوماسي مخضرم ل beirut act ان المسؤولين اللبنانيين ملزمون بإبقاء سلامة مكانه وتكليفه بإدارة شؤون السلطة النقدية بعد انتهاء ولايته في أخر تموز الحالي حتى تعيين حاكم مكانه لأن هناك قرار أميركي كان قد تبلغه هؤلاء قبل ثلاثة أشهر حول هذا الموضوع وذلك لمنع إنهيار البلد كليا على المستويين النقدي والمالي . وحذر الديبلوماسي المخضرم انه في حال عدم التجاوب مع الطلب الاميركي المذكور فإن ذلك سيرتب انعكاسات سلبية على القطاع المصرفي اللبناني بتعاطيه مع البنوك المراسلة وسيؤدي بالتالي الى عزل البنك المركزي والمصارف عن الاسواق المالية العالمية .
ولا يعتقد الدبلوماسي عينه ان احد من ألمسؤولين اللبنانيين قادر على تجاوز تبعات القرار الاميركي في عذا الوضع الخطير الذي يمر به لبنان . كما كشف الديبلوماسي المخضرم ان القرار الاميركي بطلب بقاء سلامة في مكانه سيتكرر أيضا بالطلب من المسؤولين أللبنانيين مطلع العام المقبل بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون لأن ألمؤسسة العسكرية كما الحاكمية هما خط أحمر ممنوع أضعافهما وتشتتهما لا سيما ألمؤسسة العسكرية نظرا للدور الكبير الذي تلعبه إلى جانب ألأجهزة ألأمنية في الحفاظ على السلم ألأهلي رغم وجود مليوني نازح سوري و٥٠٠ ألف لاجىء فلسطيني وتوتر على الحدود الجنوبية وفراغ في ألرئاسة ألأولى
أصبحت وسائل الإعلام و معها وسائل التواصل الاجتماعي على إختلاف انواعها أداة وسلاح شرير يستعملها الحاقدون والمنتفعون والباحثون عن دور في ظلال هذا المجتمع الموازي لذلك المجتمع ألراقي الذي تربينا على أسسه وعناصر وجوده وقيمه الاخلاقية حيث كنا ننعم بمحطات تلفزة مسؤولة وبصحف محترمة تشبه صحف الحائط الاعلامي في الجامعات و الكليات المرموقة . و لكن للأسف نرى اليوم غزو المال لبعض الصحف المكتوبة بإستثناء قلة منها ممن نجل ونحترم إداراتها والعاملين فبها من محرريين وصحفيين وكتاب . فدخول بعض الافاق والمتشبهين بالكتاب والصحفيين الاجلاء وهم يبيعون ويشترون المواقف ويتمولون من مجموعة تهاجم آخرين و تستعمل بعض الصحف اليومية ووسائل التواصل الإجتماعي غب الطلب وعلى القطعة .
الحديث أعلاه يذكرنا بحملات التجريح والهجوم على رموز مالية واقتصادية الهدف منها تحطيمها والاستفادة من صبغها بألوان الفساد و مخالفة القانون وإستعمال المراكز للاستفادة الشخصية . راينا أمثال هذا الهجوم عام ٢٠٠٥ مع مقتل الرئيس رفيق الحريري وكأن هذا التاريخ بداية لتشكل مجموعات من المتمولين تشتري بعض وسائل الإعلام لأهداف خارجية و شخصية وتجعلها أداة لبث الفتن و الإفتراء والتجني كما حصل مع إتهام الضباط الأربعة بجريمة الاغتيال وفبىركة الملفات ضدهم حيث صورتهم معظم وسائل الإعلام المرئية والمسموعة و المكتوبة بالتآمر مع لجنة التحقيق الدولية و بواسطة شهود زور بأنهم خططوا ونفذوا الجريمة ,واصبغوا زورا على الضباط الأربعة نية القتل وتنفيذها و جعلوا الرأي العام يقتنع بأسباب و رغبة التنفيذ و انهم مجرمون يجب أن تعلق المشانق لهم في ساحات وسط بيروت . وظلت الشبهة باليقين ملاصقة بهم أمام الرأي العام طوال أربعة أعوام حتى الإفراج عنهم لعلة البراءة . الأسلوب نفسه في تركيب الادلة والملفات المفبركة والمستندات المزورة عدنا لمشاهدته وبالتكرار نفسه من قبل وسائل اعلامية معروفة ومن محامين ومجموعات مدنية يدعون محاربة الفساد و هم مأجورين يدفع لهم المال ويمول صفحات بعض الصحف اليومية المشبوهة الإنتماء و كذلك عبر وسائل التواصل وهي مدسوسة للتأثير في رأي الناس و دفعهم نحو الاعتقاد بصحة الملفات المفبركة كتلك التي أصابت سهامها حاكم مصرف لبنان أو تلك التي يوجهونها للوزير السابق مروان خيرالدين و معه مصرفه بنك الموارد . هذه الملفات المفبركة معروف اصحابها وانتماءهم وأهدافهم السياسية والإقتصادية وهم دخلاء على عالمنا السياسي يحاولون دائما تحقيق بعض المكاسب الإعلامية عن طريق التجريح و الاتهام والاذية أكان لسلامة أو للوزير خيرالدين ولكنهم على الأكيد بالرغم من جهودهم في الداخل و الخارج فإن كيدهم سيرتد عليهم لخلو ملفاتهم من اي دليل صحيح غير مدسوس و مزور . وحينها على رياض سلامة و مروان خير الدين الارتداد عليهم بالقانون داخل وخارج لبنان وأمام الرأي العام و تحميلهم المسؤولية القانونية والاخلاقية والجريمة عما جنته ايديهم من أذية وقلة اخلاق وإفتراء وسيتبين حبنها للرأي العام كما حدث مع الظباط الأربعة ولو بعد حين أن هؤلاء المحركين كذبا لبعض الصحف وبعض وسائل التواصل وبعض الإجراءات القانونية الخالية من اي دليل هم المرتكب لأكبر أذية أوصلت الوضع المالي والاقتصادي والنفدي إلى ما وصل اليه .
نعم إن الضغوطات والحملات الظالمة التي يتعرض لها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة داخل وخارج لبنان سببها عدم موافقته على خطة صندوق النقد الدولي للإنقاذ المالي لانه يراها في غير مصلحة لبنان ومقتلا له ولأهله ولمؤسساته ألإقتصادية وقطاعه ألمصرفي وأموال مودعيه. ألقصة بدأت فصولها بين الطرفين عام ٢٠١٦ عندما زاره وفد من الصندوق في مكتبه بمصرف لبنان عارضا عليه خطة ألعمل هذه وطالبا منه الموافقة عليها وإستلامها بحكم موقعه كرئيس للسلطة النقدية إلا إنه بعد إطلاعه على بنودها وفحواها رفض ألمواففة عليها وإمتنع عن إستلامها مبديا للوفد إستغرابه كيف لهم إن يضعوا خطة عمل عن ألإنقاذ المالي في لبنان وهو لا يزال في عافيته النقدية وكإنهم كانوا يعرفون مسبقا ما يتم تحضيره للبلد من إنهيار نقدي غير مسبوق ومن إفلاس لدولته وضرب لقطاعه المصرفي وحجز أموال مودعيه . وعندما إندلعت إنتفاضة الحراك المدني في ١٧ تشرين ألأول عام ٢٠١٩ وأدت إلى إستقالة حكومة سعد الحريري بعد ١١ يوما في ٢٨ تشرين ألأول ومجيء حسان دياب تفاجأ سلامة بحكومة دياب تقدم خطة للأنقاذ المالي هي نفسها ألتي كان إطلع عليها من وفد صندوق النقد الدولي التي زاره قبل ثلاث سنوات. ليعلم فيما بعد أن وفد الصندوق الذي كان زاره عام ٢٠١٦ ورفض إستلام خطته قام هو ذاته بزيارة مدير عام المالية آنذاك آلان بيفاني الذي وافق على خطة عمله بعد إطلاعه عليها وإستلمها ووضعها في عهدته بحكم موقعه ألرفيع في وزارة المالية وألإخير وضعها فيما بعد بعهدة دياب وحكومته لا سيما وإنه كان من ضمن فريق العمل المالي ألإستشاري للرئيسين عون ودياب معا . والأسإلة التي تطرح هي لماذا إستلم بيفاني خطة عمل ألصندوق آنذاك والبلد كان لا يزال في عافيته النقدية؟ ثم لماذا لم يقم بيفاني يومذاك بإبلاغ سلامة بإن وفد الصندوق زاره وإنه إستلم منه خطة العمل هذه لا سيما وأنه عضو في المجلس المركزي لمصرف لبنان بحكم موقعه كمدير عام للمالية ؟ ثم لماذا لم يقم بيفاني بحكم موقعه بإبلاغ وزيره آنذاك على حسن خليل بإنه إستلم من صندوق النقد خطة العمل هذه ؟ ثم لماذا أبقى بيفاني خطوته هذه طي الكتمان ولم يبلغ بها أي من الرؤساء الثلاثة عون والحريري وبري إلًا اذا كان أعلم عون بالأمر بحكم كونه مرجعيته السياسية وأخفاه عن بري والحريري؟ والسؤال الكبير الذي يطرح هو لماذا سارعت حكومة دياب إلى تبني خطة صندوق النقد كخطة إنقاذ مالي لها دون أن تتساءل كيف لبيفاني أن يقدم خطة جاهزة لها من دون أن تسأله حتى كيف كانت لديه بهذه السرعة حيث قامت بتبنيها والموافقة عليها فورا وتقديمها للرأي العام بأنها خشبة ألخلاص لهم والقدر الذي لا مفر منه علما ان هذه الورقة معظمها يقوم على شطب معظم الودائع وإلغاء غالبية القطاع المصرفي وإعفاء الدولة من ديونها . إن رفض سلامة لخطة صندوق النقد جعلته هدفا من قبل السلطات الفرنسية لإزاحته عن الدرب أو لإلهائه بقضايا ملفقة ومركبة ضده إبتدأت في فرنسا عام ٢٠١٦ مع تقرير مزيف اعدته إحدى الجهات السياسية المحلية عليه . فللحكم الفرنسي رغبة في توريط لبنان واللبنانيين بخطة صندوق النقد الدولي تمحي السلطة النقدية ومعها القطاع المصرفي برمته وإلى جانبه قطاعات إقتصادية أخرى والهدف ألأساس إدخال ألشركات ألفرنسية لتتحكم بشكل مباشر بالاقتصاد أللبناني من القطاع المصرفي إلى المرافىء والمطار ثم قطاع النفط والغاز والمواصلات والكهرباء والمياه وغيرها . هل يذكر أللبنانيين مكرمة الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز الثلاث مليارات دولار للجيش اللبناني لشراء أسلحة وتجهيزات من فرنسا فحولت السلطة السياسية الفرنسية ألملف إلى إحدى الشركات ألإستشارية الفرنسية لتتقاضى ٣٧ في ألمئة عمولة من أصل المبلغ وقد عمد ألأمير ألشاب ألواعد محمد بن سلمان إلى إلغائها لاحقا وحسنا فعل بعدما لمس الفساد الفرنسي كما اللبناني بهذه الصفقة حيث تبين أن فرنسا تريد مشاركة أللبنانيين حتى بالهبات العربية. ولم تكتفي السلطة السياسية الفرنسية بمحاولة السيطرة على بعض أطراف ألقرار ألسياسي في لبنان بل وسعت نفوذها في الداخل وأصبحت تختار وزراء وتساعد بعضهم للوصول إلى مراكز ألقرار ممن يحملون الجنسية الفرنسية وبعضهم وزراء يساعدون ألشركات ألفرنسية للإمساك بالنشاط المصرفي والإقتصادي أللبناني لأنه لم يبقى أمام ألإليزيه سوى لبنان مدخلا له للشرق العربي ويعطيه نافذة مهمة ومطلة على البحر ألأبيض ألمتوسط. هل يمكن أن يخبرنا أحد عن أي مساعدات قيمة قدمها إلأليزيه بعهده الحالي للبنان منذ إنتفاضة الحراك المدني في ١٧ تشرين ألأول حتى أليوم . إنه لن يقدم شيئا لا بالمجان ولا على شكل مساعدة حتى أن الخمسين مليون يورو الذي قدمت للمدارس الكاثوليكية التي تتبع المنهاج التعليمي الفرنسي من أجل دعم أقساطها ومصاريفها حفاظا على الفرنكوفونية لم تكن بمتناول أولياء التلامذة ولم يعرف كيف وزع ألمبلغ وأين صرف وظلت مشكلة ألأقساط مفروضة على كاهل ألأهل في هذه المدارس حتى اليوم . وأخيرا أتحفتنا السلطة الفرنسية بتدخلها ألمباشر في عمل ألقضاء أللبناني وإرسالها ألوفود القضائية للتحقيق بدعوى أصلها لبناني ومكانها بيروت وأقيمت دعوى مماثلة في فرنسا من باب النكايات ألسياسية ضد رأس ألسلطة النقدية فقط لأن هواه ليس على هوى سيد ألإليزيه وبعض مساعديه وعدد من أصدقائه أللبنانيين ألحاقدين عليه وعلى نجاحاته . والخطأ كان قبول بعض ألقضاء أللبناني بذلك وتسهيل عمل ألوفود القضائية ألأوروبية للإستماع إلى سلامة كشاهد لا كمشتبه في موضوع إخبار ملفق أبطاله معروفين وينتمون إلى تيار حزبي يغلب على أفكاره ألنكد ألسياسي والمماحكة والغلو في المحاضرة بالعفة وهو شريك أساسي مع قوى ٨ و١٤ آذار بالمحاصصات والصفقات والفساد السياسي والمالي منذ العام ٢٠٠٩ . وبعد إن أموال الطبقة ألسياسية الحاكمة على إختلاف إنتماءاتها ألمسيحية والإسلامية التي هربت أموالها وعائلاتها إلى الخارج كان مقصدها بمعظمها ألمصارف الفرنسية والسلطة الفرنسية ورئيسها ماكرون على علم بذلك فلو كانوا يرغبون فعلا بمساعدة أللبنانيين ورفع كاهل فساد الطبقة السياسية عنهم المتحكمة بهم والتي نهبت دولتهم وأفلستها وأفقرتهم كانوا كشفوا عن ثروة هؤلاء العقارية عندهم والمالية في المصارف الفرنسية والاوروبية مع زوجاتهم وأولادهم وأزلامهم وأعادوها إلى البنك المركزي اللبناني لتكون ملكا للبنانيين بدل ممارستهم تمثيليات إرسال الوفود القضائية ضد رياض سلامة بإتهامات مفبركة عليه مشترك بالتآمر فيها جهات سياسية داخلية فقط لأنه عارض ويعارض خطة صندوق النقد الدولي التي تتيح للسلطة الفرنسية عند إقرارها التحكم بمفاصل ألإقتصاد أللبناني من أجل تمرير مشاريعها السياسية ومصالح شركاتها المالية في لبنان. لهذا لم يتجرأ المسؤولون والقادة أللبناننيون الذين يجاهرون ليلا نهارا بالسيادة بينما ينتظرون كالخزمتشية كلمة السر من الخارج لإنتخاب رئيس للبلاد أن يتصدوا للتدخل الفرنسي والأوروبي بكل الميادين لا سيما ألقضاء ونراهم مستسلمون للمشيئة الفرنسية من أجل حماية وجودهم ومصالحهم ألسياسية والمالية في الداخل وثرواتهم النقدية والعقارية في الخارج . وتأتي الوفود ألقضائية الفرنسية والألمانية والبلجيكية ومن خلفها إنكلترا وأميركا لتعطينا دروسا بملاحقة عمليات تبييض أموال مزعومة ضد سلامة والتحقيق معه ظلما تحت حجة كاذبة هي مصلحة الشعب أللبناني فيما رؤسائهم فعليا يريدون الحفاظ على مصالح بلدانهم في لبنان من خلال حفاظهم على الطبقة السياسية اللبنانية الفاسدة من ٨ و١٤ آذار وتيار وطني حر ويحدثونك عن حرصهم على لبنان وشعبه لتكون النتيجة أن همهم هو حرصهم على مصالحهم ومصالح أتباعهم وأزلامهم من الطبقة السياسية اللبنانية الفاسدة .
المكان الجمهورية اللبنانية ،الزمان ١ آب ٢٠٢٣ .
سيسجل التاريخ و يحفظ هذا الحدث لان معه سيتغير شكل لبنان ماليا و اقتصاديا ليصبح شكلا جديدا لم نشهده من قبل .
لن يطلب رياض سلامة و لن يسعى او يقبل ان يمدد له و لديه كل الحق و الصواب في ذلك لان ما جابهه خلال الاعوام الثلاثة المنصرمة لا يستطيع اي كان تحمله و السكوت عنه. حركة ١٧ تشرين كانت بداية المخاض الذي عمد اركانه من مجموعات السفارات و الحراك المدني و الذي ساهم في وصول مجموعة غير متجانسة من النواب دعاهم المجتمع بالتغيريين و هم ابعد ما يكون عن التغيير في نمط التعامل السياسي و البحث عن السلطة و اسلحة هذه المجموعات كانت التنديد و النقد الشديد للمجموعة السياسية الحاكمة التي انضموا بالنهاية الى صفوفها و المشاركة معها بالحكم بذات الاسلوب و المماحكة.
رياض سلامة من خارج هذه الطبقة السياسية كان عرضة للهجوم عليه باسخف اسلوب و اوسخ طريقة و نسيت المجاميع الطبقة السياسية المتسلطة في الحكم و اصبح هدفا للجميع بالرغم من صموده و هو الوحيد الذي عمل بجهد متواصل ليخفف الازمة ووقعها عن اللبنانيين و الصمت شعاره لكل المرحلة بعكس الآخرين الذين استغلوا ابواقهم و ازلامهم لتوجيه اصابع الاتهام اليه و تحوير الاسباب التي ادت الى الازمة و سعيهم الدائم لتحميله اسباب نشأتها و كانه من حكم لبنان خلال الفترات الماضية في ظل حكومات لم تسعى الى الاصلاح و التغيير.
ولولا وجود الحاكم في مركزه لفقدت السلع من الاسواق لنشهد مثالا فنزوليا جديدا او نموذجا مصريا تدهورت اوضاع هذه البلاد فارتفعت الفائدة و تدهورت العملات و اختفت السلع لعدم تأمين الاستيراد و الخدمات .
كل الحكومات المتعاقبة دون استثناء وعدته بالاصلاحات و هو المغلوب على أمره في تمويل عجز موازنات سنوية الزموه بقوانين يعرفون جيدا بأنه لن يحاربها أو يخالف تطبيقها و لعب كل هذه المدة أدوار المخطط للوزارات كافة و هو يرى المشكل قادما لا محالة و نذكر من يقرأ هنا انه طلب تقسيط سلسلة الأجور و الرواتب لخمسة سنوات فرفض طلبه لأن الانتخابات النيابية كانت السبب في اقرارها و هي الشعرة التي قصمت ظهر البعير و اخلت بكل مقياس ايرادات و نفقات الحكومات و طلب عدة مرات بدراسة اسعار الخدمات و كذلك المشتقات النفطية و لا نزال نذكر الحرب الشعواء عليه لأنه طلب زيادة سعر صفيحة المحروقات ٥٠٠٠ ليرة.
حاربوه و لم يأخذوا بنصيحته و مع ذلك لم يتقاعس و لا يزال يعمل ليؤمن كافة مستلزمات البلد لناحية استيراد المواد الغذائية و ضروريات الحياة اليومية.ان تكون الطبقة السياسية جاحدة و تبحث عن صالحها و حمايتها هذا طبيعي في بلد شعبه تجره الإشاعات و الاقاويل فأصبح مغلوبا على أمره يؤثر فيه ازلام تيار سياسي و يحكمون على الحاكم و ينكرون تضحياته كل هذه المدة لانهم لم يروا الوجه الآخر للازمة بعد و غدا لناظره قريب.
انهم كلهم دون استثناء ناكرون للجميل و الجهد و التعب و سيترحمون على ايام كان رياض سلامة الوحيد الذي يحمل هموم الناس و يحاول بعمل فريد و استثنائي تخفيف آثار الازمة .