من حقنا نحن اللبنانيين ان نحلم برئيس مقبل للجمهورية يتمتع كما يجب بصفات مميزة لا نراها في كل الناس خصوصا لدى معظم الطبقة السياسية في لبنان . المآسي التي عصفت بالبلاد منذ تأسيسه على اختلاف انواعها ان دلت على شيء تدل دائما على سوء اختيارنا للنواب المنتخبين مباشرة من الشعب و الذين يحملونا سوء اختيارهم في عملية انتخاب الرئيس .الدستور الراقي و المحترم حولوه الى خرقة يمسحون بها اقدامهم لكي يحققوا ما يريدون . دستور لا ينص على طائفية المراكز و لا يميز بين افراد الشعب و لا يسمح لهم بتجاوز السلطات و التطاول على حقوق الناس حولوه الى اداة للمماحكة السياسية و القهر و التعنت . لا يهم الآن ما حدث سابقا فهو الماضي الأليم الذي مررنا به و تجاوزناه بكل الخسائر التي قصمت ظهر الشعب . صفات الرئيس المطلوب محددة في الدستور و محددة في عقلية البشر و المطلوب حسن الأختيار او الحياة في الفوضى و اعادة تحمل الخسائر .
الرئيس يجب ان يكون :
اولا : يفهم معنى السيادة و قيمتها في التأثير على الشعوب و ان يكون المدافع الأول عنها في خياراته . كأن يحفظ حدود البلاد و لا يفرط بذرة من ترابها او بكأس من ماءها .و ان يكون لديه القدرة على التمييز و التفرقة بين الصديق و العدو و بين الصالح و الطالح و بين العميل و العامل من اجل صحة النظام و سيادة البلاد .
ثانيا : ان يكون لديه عنفوان يحفظ حقوق الشعب و لا يسمح باهانته و يمنع التفريط بسمعة بلاده و يصد محاولة السفراء من التدخل بشؤونه و فرض ارادة غريبة عليه .
ثالثا : ان لا يمثل تيار سياسي عامل لأن التجربة اثبتت فشلها , فهو بتمثيله لأي تيار سيعمل لتغليبه سياسيا على الآخرين و تفضيله في العمل النيابي و الحكومي على باقي التيارات السياسية و محاولة تحقيق السيطرة على المواقع المؤثرة في ادارة البلاد لصالحه . بينما على الرئيس ان يكون الجميع بنظره سواسية كأسنان المشط و التعاون مع الجميع لصالح البلاد و انماءه و لا تفرقة في التعامل بين اللبنانيين و اختيار الأفضل و الأكفأ دائما بين المرشحين في مواقع ادارة القطاع العام .
رابعا : ان يلم بالسياسة الداخلية و الخارجية على حد سواء و ان لا يكون مطية للدول تديره حسب مصالحها و مقاصدها .
خامسا : ان يلم بعلوم الادارة و التنظيم و لديه المعرفة الكافية بالشؤون المالية و النقدية و الأقتصادية و الأضطلاع بحاجات البلاد و اولوياتها .
سادسا : ان يكون صاحب مشروع يسعى لتحقيقه لنهضة الشعب و تحسين قدراته و مستواه المعيشي و الأقتصادي .
سابعا : ان يفهم و يحافظ على وجود مقاومته و يقدر دائما تضحياتها و هي التي خلقت و حققت التوازن مع اعداء لبنان و منعتهم من تحقيق اهدافهم .و هي التي مقدر لها حماية حدوده و المحافظة على ثرواته و قدراته .
ثامنا : نريد رئيسا يشعرنا بوجودنا و اهميتنا واننا لسنا قطعان غنم تستغل من الدول التي تذلنا للحصول على تأشيرة سفر او تهددنا بلقمة عيشنا و نحن من نهض باقتصادياتها .
تاسعا : نريد رئيسا : – غير متزوج كالرئيس الياس سركيس .
– متزوج دون اولاد كالرئيس فؤاد شهاب او الرئيس شارل الحلو .
– متزوج و لديه اولاد ابعدهم عن الشأن العام و التعاطي السياسي خلال حكمه كالرئيس كميل شمعون .
لا نريد رئيسا يوز أبنه كالرئيس سليمان فرنجية .او صهره كالرئيس الهراوي و الرئيس لحود و الرئيس عون و يجعلهم نوابا في المجلس بانتخابات تحفل بالتزوير و شراء الأصوات .او يجعل من بناته مستشارات لديه و يسلمهم ادارات عامة و كأن الحكم مشاركة و بأكثر من رأس تدير البلاد .
عاشرا : نريد رئيسا لا يحتاج الى مساعدة للنهوض من الكرسي او لأدخاله دورة المياه . نريده نشيطا و بعمر مقبول لا يتخطى حدا معينا و يعمل لساعات طويلة دون تعب او ملل .
عندما أطلقت ادارة beirut-act موقعها ألأخباري قبل أربعة أشهر جاهرت بجرأتين : ألأولى : تأييدها للعهد وباسيل وتياره لوقوفهم إلى جانب المقاومة ، ولتشكيلهم سدا منيعا أمام عودة حكم الميليشيات وزعراناتهم وتشبيحاتهم على الناس داخل الدولة وخارجها . وتقديرها كذلك لباسيل في مواجهة خصومه المغمًس تاريخهم بالدم عكس تاريخه السياسي . والثانية : معارضتها للعهد وباسيل وتياره معا الحملة السياسية والإعلامية الظالمة التي يشنونها على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد إنتفاضة الحراك المدني في ١٩ تشرين ألأول عام ٣٠١٩ إلى اليوم . وبناء على هاتين الجرأتين الذي كان لموقعنا شرف المجاهرة بهما والإلتزام بمندرجاتهما نقول إن ما يجمع العهد وباسيل وتياره مع سلامة هو أكثر بكثير مما يفرقهم وقد جهد بعض المستشارين العاملين بالقطاع المصرفي ممن يلوذون بباسيل وتياره برمي الزيت على نار العلاقة بين الطرفين لأهداف شخصية لها علاقة بطموح بعضهم للحلول مكان سلامة في الحاكمية وسعي البعض الآخر منهم لتشويه صورته أمام الرأي العام اللبناني عبر فبركتهم ملفات قضائية كاذبة عليه لملاحقته زورا من أجل شطبه من المعادلة الرئاسية وتبييض وجههم مع العهد وباسيل لاستمرار الرضى عليهم طمعا بحقيبة وزارية أو مقعد نيابي . ولهذا نستعرض في هذه العجالة النقاط الكثيرة التي تجمع الطرفين مع بعضهم البعض والتي تفوق بكثير النقاط التي تتعارض بينهما والتي سببها حقد بعض المعاونين والمستشارين كما أشرنا آنفا . ١- الهندسات المالية التي يهاجمها العهد وباسيل وتياره عن غير وجه حق هي التي جعلت سلامة يحصًن من خلالها الإستقرار النقدي في البلد الذي سهًل للنواب الذهاب لإنتخاب العماد ميشال عون رئيسا . فإيجابيات الهندسات المالية التي بدأ سلامة تنفيذها تدريجيا مطلع العام ٢٠١٥ تلاقت مع التسوية الأميركية – الإيرانية خلال العام المذكور على أثر توقيع الإتفاق النووي والتي تم من خلاله تمرير الإستحقاق الرئاسي بعد سنتين ونصف السنة على فراغ الكرسي ألأولى . وهذا ألأمر يسجل لسلامة الذي لولا تحصينه لثبات ألأستقرار النقدي عبر هندساته المالية تلك التي جمع منها حوالي الثلاثين مليار دولار لما كانت التسوية الأميركية – ألإيرانية إستطاعت أن تسلك طريقها بنجاح لإنتخاب عون ولكان إستمر الفراغ الرئاسي حتى اليوم . وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على تأييد سلامة لعون لوصوله آنذاك لكرسي الرئاسة وذلك عكس ما كان يتم التداول به في كواليس ودهاليز أصحاب ألسن السوء من المعاونين والمستشارين للإيقاع بين سلامة من جهة وعون وباسيل وتياره من جهة أخرى . ٢- كان يمكن لسلامة أن يوقف العمل بهندساته المالية تلك فور تأمينه تحصين المظلة النقدية الآمنة التي سهلًت عملية إنتخاب عون رئيسا في تشرين ألأول عام ٢٠١٦ لكنه إستمر بها لغاية العام ٢٠١٧ من أجل توفير مزيد من إلإستقرار المالي للعهد في بداية إنطلاقته الرئاسية موفرا له ألآمان النقدي الذي يساعده على تنفيذ أجنداته السياسية للنهوض ما امكن بالبلد وأهله وكان العهد مرحبا ومصفقا لها ولو كان غير موافق أو معترضه عليها لكان طلب منه بعد إنتخابه وقفها فورا وعدم التوسع بها . ٣- إستمر سلامة بتأمين كل ألأحتياجات المالية للعهد وحكوماته ووزاراتها ومجالسها وإداراتها على أكمل وجه من أجل تسهيل تنفيذ المشاريع المختلفة وفي طليعتها مشاريع وإلتزامات وزارة الطاقة التي دفع مصرف لبنان لها وحدها من بين باقي الوزارات حوالي ال ٢٢ مليار دولار خلال السنوات الثلاث ألاولى للعهد من أصل مبلع ال ٤٩ مليار دولار الذي كان مصرف لبنان قد دفعها للوزارة نفسها منذ العام ٢٠٠٩ تاريخ توليها من قبل التيار الوطني الحر حتى اليوم . كما إستمرار بتأمين باقي إحتياجات الدولة كاملة ومن دون توقف عبر توفيره دعم المشتقات النفطية والطحين والأدوية المستعصية وموازنات البعثات الديبلوماسية ودفع رواتب القطاع العام بمؤسساته المدنية والعسكرية والأمنية ورواتب القضاة وتوفير أعتمادات التجار حتى اللحظة رغم ألأزمة النقدية الوجودية غير المسبوقة التي يمر بها البلد منذ ثلاث سنوات ونيف نتيجة الجريمة التي أرتكبتها حكومة دياب ضدليرة اللبنانيين عبر قرارها الهمايوني وغير المسؤول كي لا نقول المتآمر على البلد بالإمتناع عن دفع سند اليورو بوند الثلاث مليارات الذي كان مستحق على لبنان في آذار من العام ٢٠٢٢. ٤- ظل سلامة ولا يزال منسجماومتماهيا مع العهد وباسيل وتياره في دعم المقاومة لا سيما وأن موقفه هذا كان يجاهر به منذ اليوم ألأول لتعيينه حاكما لمصرف لبنان في العام ١٩٩٣ وأستمر عليه حتى اليوم . وما قام به من تحصين للوضع النقدي خلال عدوان تموز وتوفيره الأموال المطلوبة لوزراتي الطاقة والصحة من أجل إستمرار تأمين الكهرباء للبنانيين لتسهيل إستضافتهم لنازحي الجنوب والبقاع وتوفير الطبابة والإستشفاء للمصابين يؤكد ليس إلتزامه دعم المقاومة وبيئتها فحسب بل تأييده لخطها أيضا. وما قام به بعد إنتهاء هذا العدوان من توفير الغطاء النقدي الشرعي لحزب الله الذي كان يوزع الأموال النقدية (١٢ الف دولار لكل منزل متضرر) عبر تأكيده للجهات الرقابية المالية الأميركية والدولية التي أتهمت حزب الله بتبيض ألأموال وتمريرها عبر الجهاز المصرفي اللبناني داعية إياه للتحقيق بها ووقفها بتأكيده لهذه الجهات بأن هذه ألأموال لا تمر عبر القطاع المصرفي اللبناني وهي ليست ناتجة أيضا من عمليات تبييض ألأموال بل هي أموال نظيفة ويتلقاها الحزب من التبرعات النقدية التي يقدمها له رجال الأعمال الشيعة داخل وخارج لبنان المؤيدين له إضافة إلى تبرعات بعض الجهات الداعمة لخطه ولمقاومته وهذا الموقف الوطني الكبير يسجل لسلامة ويتماهى مع إنتصارات الحزب ومقاومته . ٥ – كان سلامة أول من بادر إلى التجاوب مع قرار حكومة دياب بإجراء التدقيق المالي في مصرف لبنان وطلب من باقي الوزارات برسائل خطية أرسلها لهم للتجاوب مع هذا القرار وبدل تقدير العهد لسلامة وشكره على تجاوبه مع قرار التدقيق المالي استمر بإدانته . على ضوء ما تقدم نستغرب هذا الجفاء والمحاربة من العهد وباسيل وتياره لسلامة الذي بدل شكره ودعمه ومؤازرته للإعتبارات المشار إليها آنفا يرجمونه ويشنون الحملات السياسية والإعلامية والقضائية عليه بغير وجه حق ويقابلهم بالمحبة وألأحترام والصمت وصبر رجل الدولة المسؤول .
خلال إحدى الجلسات الودية السياسية وجه احد الموجودين حديثه لمؤثر في السياسة الداخلية للبلد قائلا له : أتعلم ما هو الخطأ الكبير الذي إرتكب بمجيء العماد عون إلى كرسي الرئاسة ؟ سأل وأجاب بنفس الوقت قائلا : لأنه يمثل تيار سياسي يعمل في البلد ويسعى للحصول على مكاسب في كل الاتجاهات لاستحواذه على التعيينات والمراكز العليا الأدارية والعسكرية والامنية والمالية والنقدية أو سياسية عن طريق تمرير مشاريع مناطقية تؤمن الدعم لجمهوره السياسي . و من الطبيعي أن يعمل الرئيس على إنجاح مشروع تياره وتقويته وبالتالي لن يكون الرئيس عادلا تجاه جميع اللبنانيين و بهذا لن يساوي بين الجميع موالاة أو معارضة ولن يقدمهما معا لا على وريثه السياسي ولا على تياره السياسي . إن لبنان لا يحكم الا برؤساء يشبهون فؤاد شهاب والياس سركيس وحتى الياس الهراوي ولا يشبهون امين الجميل الكتائبي اولا ولا كذلك اميل لحود المنحاز إلى قوى ٨ آذار و إلى النفوذ السوري . ولا كذلك ميشال عون الذي يعمل منذ وصوله لوريثه أولا وتياره السياسي ثانيا ويحاول تأمين إستمراريتهما وديمومتهما وقوتهما . فالهم الأساسي لدى التيار العوني اليوم هو تأمين أجواء إنتخاب رئيسه بعد عمه ويبدو أن هذا الهدف دونه عقبات يحاول تذليلها وأهمها :
أولا : العقوبات المفروضة على باسيل لعدة أسباب أهم ما ورد في حيثياتها ، الفساد وإستعمال واجهة للفساد ، وإنتهاك حقوق الإنسان حيث لم ينص القرار لا من قريب ولا من بعيد لعلاقته بحزب الله وتحالفه معه وإتفاق مار مخايل .
ثانيا : للاسباب التي ذكرناها آنفا من غير المفضًل إنتخاب رئيس يمثل تيار سياسي همه أن يفرض عليه العمل لتقويته على حساب الآخرين .
ثالثا : إذا كانت العقوبات الأميركية على رئيس التيار الوطني الحر الذي أهم أسبابها الفساد حتى الآن لم نلمس أي تغيير في النهج والأسلوب المتبع خصوصا في موضوع الإستفادة من أي خطة تعالج موضوع الطاقة .
رابعا : يفضًل الخارج وخصوصا المؤًثر على إنتخابات الرئاسة أن يكون الرئيس المقبل مؤسساتي ، وأن يمثل جميع وأغلب الطبقة الفكرية المثقفة وأن يكون خطابه السياسي غير طائفي وموزون ، وهذا ما يفتقر إليه ممثل التيار الأول ومرشحه للرئاسة . خامسا : وجود مرشحين يتمتعون بالصفات المطلوبة أمثال قائد الجيش وحاكم مصرف لبنان ورئيس مجلس القضاء الأعلى أو سفيرا في الخارج أو أحد الوزراء السابقين.
خلال شهر حزيران من العام ٢٠١٩ أي قبل أربعة أشهر من إندلاع إنتفاضة الحراك المدني في ١٧ تشرين الأول وإستقالة الرئيس سعد الحريري بدأ الحديث في الكواليس السياسية المغلقة عن وجود قرار متخذ على أعلى المستويات لإمتناع لبنان عن الوفاء بإلتزاماته المالية الدولية وعدم دفعه إستحقاق اليوروبوند البالغ مليار و٢٠٠ مليون يورو في أيار من العام ٢٠٢٠ . يومها حصلت على الأثر إتصالات مباشرة مع الرءيس بري ومع حزب الله حيث تم وضعهما بأجواء هذا “الهمس الخطير” وجرى تنبيهما لخطورته في حال الذهاب الى هذا الخيار والعمل على منع تحقيقه وإفشاله لانه اذا نفذ سيكون مقتلا ل”سعر صرف الليرة” أمام الدولار حيث سيعتبر لبنان انذاك “دولة ممتنعة عن الدفع” وهذا يعني باللغة الديبلوماسية “دولة مفلسة” وفق المصطلح المالي الدولي . وكذلك تم وضع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بهذه الأجواء التي إستهجنها وقال معلقا بإنه لا يوجد مسؤول عاقل يمكن أن يوافق على مثل هذه الخطوة الخطيرة . وقام بدوره على الفور وبعيدا عن الإعلام اجراء الاتصالات اللازمة مع كبار المسؤولين لأحباط هذا التوجه قبل الوصول إليه لخطورته على مستقبل الوضع النقدي ككل في البلد . وكذلك الأمر حصل مع الرئيس سعد الحريري الذي وضع في أجواء هذه المعلومة وكان جوابه بأن مثل هذه الخطوة لا ولن تمر طالما هو على رأس الحكومة. كما تم وضع بعض الجهات المصرفية الفاعلة بأجواء هذه المعلومة الخطيرة التي أستنفرت هي أيضا وقامت بأتصالاتها الهادئة مع ما يلزم من أصحاب الشأن حيث تم تحذير هؤلاء من مغبًة هذا الأمر وأبعاده السلبية على الليرة وقيمتها أمام الدولار . وبعد عشرة أيام على إندلاع إنتفاضة الحراك المدني على أثر زيادة حكومة الحريري ست سنت على تعرفة الواتس اب زار وفد من جمعية المصارف الرئيس الحريري في منزله ببيت الوسط الذي حذره أعضائه من خطورة ما يتم تداوله في الخفاء عن إحتمال إتجاه لبنان للإمتناع عن دفع إستحقاق اليورو بوند في أيار من العام ٢٠٢٠ فكان تأكيد قاطع منه لوفد الجمعية ان هذا الأمر إذا كان صحيحا فإنه لن يقبل بحدوثه ولن يدعه يمر مهما كان الثمن طالما هو رئيسا للحكومة .
وبعد أيام توجه وفد جمعية المصارف للقاء الرئيس بري أيضا للغاية نفسها ليفاجئوا به يقرأ عليهم فور جلوسهم في مقاعدهم خبر إستقالة الرئيس الحريري الذي نزل عليهم كالصاعقة نتيجة خوفهم مما كانوا قد سمعوه بالخفاء عن إحتمال إمتناع لبنان عن دفع إستحقاق اليورو بوند خاصة وأن الحريري كان طمأنهم بأنه لن يسير بالأمر طالما هو على رأس الحكومة . وسمع وفد الجمعية من الرئيس بري التأكيد ذاته الذي كانوا قد سمعوه من الرئيس الحريري بأن هذا الأمر لا يمكن أن يقبل به أو يسمح بتمريره حرصا على الوضع النقدي بالبلد. وبعد تشكيل الرئيس حسان دياب لحكومته مطلع العام ٢٠٢٠ على أثر ذهاب المشاورات النيابية في قصر بعبدا بإتجاه تكليفه زاره وفد الهيئات الاقتصادية بمن فيهم ممثل جمعية المصارف الدكتور جوزف طربية في السراي مهنئا ، وخلال اللقاء إنبرى طربية بتحذيره من أحتمال توجه لبنان للإمتناع عن دفع إستحقاق اليوروبوند كما يحكى همسا في الكواليس السياسية المغلقة ليرد عليه دياب بنبرة رجل الدولة المسؤول الرافض لهذه الخطوة جملة وتفصيلا لأنه يدرك خطورتها على سمعة لبنان الدولية ماليا ويعرف مدى تأثيرها السلبي على سعر صرف الليرة أمام الدولار الذي لن يكون هناك سقف لتدهوره في حال الذهاب للإمتناع عن الدفع حسب قوله للوفد. فترك كلامه إرتياحا لدى أعضائه الذين بعد خروجهم من مكتبه عمموا موقفه المطمئن هذا على كل المسؤولين في القطاعات الإنتاجية والاقتصادية والمالية والمصرفية في البلد . لكن لا بد من الكشف عن الحوار الطريف الذي حصل بين شقير وطربية بعد لقائهم دياب حيث خاطب الأول الثاني قائلا له : ضروري ترعبوا للزلمي بهيك خبرية وما صرلوا بالقصر من مبارح العصر . ليرد الثاني عليه : ينرعب هويي ولا ينرعب البلد .
وبعد أيام على زيارة وفد الهيئات الإقتصادية لدياب خرجت بعض الأصوات السياسية والإعلامية تدعو جهارا إلى ضرورة إمتناع لبنان عن دفع إستحقاق اليوروبوند وتحث حكومة دياب على أتخاذ هذا القرار فما كان من سلامة الا الذهاب لدياب وحذره من خطورة إمتناع لبنان عن دفع إستحقاق اليورو بوند في أيار وعرض عليه خريطة طريق تساعد على الحفاظ على إستقرار سعر صرف الليرة وتعيد العلاقة بين المصارف ومودعيها إلى ما كانت عليه قبل إنتفاضة الحراك المدني في ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩ تقوم على التالي :
١- دفع فائدة سند اليوروبوند في آذار مع تأجيل إستحقاقه إلى العام ٣٩ مع باقي سندات اليوروبوند المستحقة في ذلك التاريخ .
٢- الذهاب للأسواق المالية الدولية و اعادة حسم سندات اليوروبوند في السوق مع تأجيل جميع استحقاقاتها من العام ٢٠٣٩ لغاية عام ٢٠٤٩ وجلب ما قيمته ٢٥مليار دولار للبلد الذي كانت سوقه المالية آنذاك تحتاج فقط لحوالي ثلاث أو أربع مليار دولار لا أكثر لتعود إلى عافيتها وللأمانة وافق الرئيس دياب على طرح سلامة وأبلغه أمهاله يومين للرد عليه بعد تداوله للأمر مع معاونيه ووزرائه المعنيين. خرج سلامة من عنده مطمئنا لموقفه كما خرج وفد الهيئات الاقتصادية مطمئنا عند زيارته له للتهنئة قبل أيام التي سبقت زيارة سلامة له . لكن في اليوم التالي شنت حملة عشواء على سلامة شخصيا وتدعو لإقالته وتحث دياب وحكومته تحت ضغط الشارع للذهاب إلى إتخاذ حكومته قرار الإمتناع عن الدفع . وهكذا حصل حيث أبلغ دياب سلامة تراجعه عن موقفه الداعم لطرحه بسبب عدم تجاوب باقي المسؤولين معه . فرد عليه سلامة إذن فلتتحملوا أنتم مسؤولية سقوط الليرة وتدهور الوضع النقدي . وهذا ما كان فكانت “مجزرة إعدام الليرة” بقرار همايوني غير مسؤول قامت به حكومة دياب بعراضة إعلامية مضحكة أقل ما يقال فيها بأنها كانت عراضة جهل وتخلف وتآمر أخذت لبنان وأللبنانيين إلى “جحيم” التدهور النقدي حيث نقلت سعر صرف الليرة أمام الدولار بأقل من ساعات معدودة من ١٦٠٠ ليرة إلى ٤٨٠٠ ليرة دفعة واحدة ومن يومها بدأت “مجزرة” إنهيار الليرة وتدحرجها نزولا . وكلنا نعرف كيف تصرف دياب وبعض وزرائه ومستشاريه الماليين مع سلامة بإزدراء وعدم إحترام بالتزامن مع الحملة الشرسة والمبرمجة التي شنت عليه والتي كانت بمثابة قنبلة دخانية لتعمية بصيرة الناس عن القاتل الحقيقي لليرة وتجهيل الدور السلبي والخطير لحكومة دياب في مجزرة إنهيار الوضع النقدي وتحميله للحاكم عبر إجباره على دعم المشتقات النفطية والأدوية والسلع الغذائية مما تسبب بخسارة مصرف لبنان لحوالي ١١مليار دولار من أحتياطه والذي ذهب معظمه لجيوب التجار من محتكري البنزين والمازوت والدواء والقمح والسكر المدعومين من قوى الأمر الواقع في ٨ و١٤ آذار وتيار وطني حر . ولم تنتهي المهزلة القاتلة عند هذا الحد إذ عندما إستقال دياب وكلف ميقاتي بتشكيل الحكومة تلقى الدكتورجوزف طربية إتصال هاتفي من الرئيس دياب الذي عاتبه فيه لانه لم يزره طوال ثمانية أشهر من عمر حكومته . فقال له قبل أن تبلغني عن عتبك علي أنا الذي يجب ابلاغك ليس عتبي عليك فقط بل زعلي منك على نكثك بوعدك لنا عندما زرناك كوفد الهيئات الاقتصادية للتهنئة .فقال لطربية لا نستطيع التحدث على الهاتف فهل تقبل دعوتي لفنجان قهوة غدا . وهكذا كان التقى طربية دياب في اليوم التالي وعاتبه بشدة قائلا له: انت زعلان مني لأنني لم أزورك طوال ثمانية أشهر من عمر حكومتك ، بينما الذي زعلان منك هو أنا . فقال له دياب لماذا ؟ أجابه طربية : أتينا وفد الهيئات الإقتصادية لزيارتك وتهنئتك بتشكيل الحكومة وقمت شخصيا بتحذيرك وتنبيهك عبر الكشف لك عن وجود قرار متخذ قبل تشكيل حكومتك بالتوجه لإمتناع لبنان عن دفع إستحقاق اليروربوند. فأجبتنا إن هذا القرار خطير وأنا لن أقبل بالسير به اذا وجد لانه يؤثر على الوضع النقدي سلبا ويؤدي إلى تدهور خطير بسعر صرف الليرة و غادرنا يومذاك مرتاحين ومطمئنين لموقفك . لنفاجىء بك بعد أسابيع تعلن أنت شخصيا بإسم حكومتك قرار الأمتناع عن الدفع حيث نكثت بوعدك لنا وأخذت وحكومتك قرار قاتل بحق لبنان وشعبه لن يرحمكم عليه التاريخ . أجاب دياب طربية : كان هناك قرار أكبر مني لم أستطع مواجهته . قال له طربية : إذن بين الحفاظ على نفسك وبين ألحفاظ على لبنان واللبنانيين ذهبت إلى الخيار الأول بالحفاظ على نفسك وليس الحفاظ على اللبنانيين وحماية ليرتهم وجنى عمرهم في المصارف لتحمي نفسك من بطش الجهة التي كانت تقف وراء القرار والتي وصفتها لي بأنها أكبر منك بكثير لم تستطع مواجهتها .
يتبين مما تقدم وفق سرد هذه الوقائع الخطيرة وكشفها للبنانيين لأول مرة ما يلي:
أولا : أن رياض سلامة بريء من دم مجزرة سقوط الليرة . وأن كل الحملات الظالمة التي شنت عليه كانت مقصودة للتعمية على الإثم الذي أرتكبه دياب وحكومته .
ثانيا : رياض سلامة كان يملك القدرة للحفاظ على الاستقرار النقدي وإبقاء سعر صرف الليرة بحدود ال١٥٠٠ وحماية أموال المودعين لكن دياب وحكومته منعاه من ذلك تحت ضغط القرار الكبير الذي كشف عنه دياب شخصيا لطربية والذي كان أكبر منه .
ثالثا: بعد الذي كشفه دايفيد شنكر من دور له ولبلاده في الانهيار النقدي والوضع المصرفي والمالي المأزوم في لبنان وتنزيل تصنيف لبنان الإتماني نستنتج أنه هو الجهة التي كان يقصدها دياب لطربية والتي وصفها له بأنها أكبر منه وهي التي كانت وراء إتخاذ حكومة دياب قرار إمتناع لبنان عن دفع أستحقاق اليوروبوند .
رابعا : وهذا يعني أما أن باقي المسؤولين كالرئيسين عون وبري ومعهما وزرائهم المعنيين ومن خلفهم حليفهم حزب الله كانوا كدياب على علم بوجود مثل هذا القرار الكبير الذي لا يستطيعون مواجهته وبالتالي يتحملون جميعهم كامل المسؤولية في مجزرة سقوط الليرة وانهيار الاستقرار النقدي وضرب جنى عمر اللبنانيين وتلك مصيبة كبرى وإذا لم يكونوا هم على علم بالأمر وقد نجح معاونيهم الموثقين من قبلهم من وزراء ومدراء عامين سابقين ومستشارين وخبراء ماليين وإقتصاديين ومصرفيين بإقناع عون وبري ودياب ومعهم باسيل وحزب الله بالذهاب لإتخاذ قرأر إمتناع لبنان عن دفع إستحقاق اليوروبوند في أيار فتلك مصيبة أكبر. حيث أخذوا البلد آنذاك إلى الخراب النقدي والمصرفي وكانت حجتهم حاضرة لتغطية جريمتهم وتآمرهم وهي تحميل إنهيار الليرة وسقوط الاستقرار النقدي للهندسات المالية لسلامة ولسياساته النقدية. وهذا يعني أن هؤلاء المساعدين إستغلوا ثقة رؤسائهم وقياداتهم بهم وهم كانوا فعليا بمثابة عملاء متخفيين لدايفيد شنكر ينفذون توجيهاته سرا في إقناع قياداتهم ورؤسائهم بصوابية قرار الإمتناع عن الدفع وبأن سلامة هو المسؤول عن خراب البصرة نتيجة هندساته المالية وسياساته النقدية وصوروه للبنانيين بأنه هو الشر بعينه .
خامسا : بناء على ما تقدم، هذا الأمر يتطلب من الرئيسين عون وبري ومعهما وإلى جانبهما رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وقيادة حزب الله (وعلى الرئيس دياب أن يفعل الأمر نفسه كذلك ولو أصبح خارج السلطة) مساءلة كل المعاونين من وزراء ومدراء عامين سابقين ومستشارين ماليين وخبراء نقديبن يعملون عندهم وكانوا حاضرين خلال حكومة دياب والذين نصحوهم بالذهاب إلى خيار الإمتناع عن الدفع وفق ما كشفه الرئيس دياب لطربية ومحاسبتهم ومحاكمتهم و الأستغناء عنهم في المواقع التي يشغلونها كمستشارين وخبراء مال وتحميلهم كامل المسؤولية عن هذه الخيانة الوطنية ضد ليرة اللبنانيبن ومدخراتهم في المصارف خدمة لمخطط شنكر في إنهيار لبنان نقديا وإفقار بيئته الوطنية لتركيع حزب الله . فكانت النتيجة أسقطوا اللبنانيين بفقرهم ولم يستطيعوا أسقاط حزب الله .
سادسا : بعد أن يقوم عون وبري وباسيل وحزب الله بمحاسبة معاونيهم الذين كانوا إلى جانبهم خلال حكومة دياب وطردهم ومحاسبتهم وإدخالهم السجن . نتمنى على كل المعنيين وقف حملاتهم الظالمة على سلامة وفتح صفحة بيضاء بعلاقتهم معه والتعاون من الباب العريض ودعمه ليتمكن من إعادة ترميم الوضع النقدي بما يساعد على إستنباط الحلول الإنقاذية التي تساهم بالحفاظ على القطاع المصرفي بعد إعادة هيكليته وحماية كامل ودائع اللبنانيين بكافة شطورهم الصغيرة والمتوسطة والكبيرة وتصحيح مالية الدولة لإعادة إستنهاض البلد من جديد .
بالخلاصة ثبت بعد كل ما تقدم أن شنكر هو حاكم لبنان الفعلي ومعظم مساعدي قياداته من قوى ٨ و١٤ آذار وتيار وطني حر أزلام عنده ومخبرين ومأجورين ومنفذين لأوامره خدمة لأجندة أسياده وليس خدمة للبنان واللبنانيين طمعا بحفنة من الدولارات الفريش أو طمعا بمركز مالي ونقدي ووزاري .
نتساءل بكل أحترام لماذا هجمة بعض القضاء الذي نقدًر سواء وافقناه أم لا مقتصرة فقط على حاكم مصرف لبنان وكإنه هو المسؤول عن صلب السيد المسيح وكنا قبل أسابيع قليلة في زمن صومه الكبير محتفلين بقيامته من بين الأموات بعد تآمر تجار الهيكل مع زبانيتهم عليه تماما كما تآمر تجار سياسيو لبنان مسلمين ومسيحيبن على الوطن وشعبه ودولته منذ إتفاق الطائف عام ١٩٩٠ مرورا بال٢٠٠٥ وصولا إلى اليوم حتى أصبح هذا الوطن “خربة” ودولته “مفلسة” وشعبه بغالبيته ينتظر فتات الإعانات العربية والدولية لسد رمق عيشه بعد أن كان سيد المنطقة وهم قابعون في قصورهم وفللهم وشققهم الفاخرة وسط الحراسات العسكرية والأمنية والميلشياوية يتمتعون وزوجاتهم وأولادهم وأزلامهم من وزراء الصدفة والوقية بأموال الهدر الذي حصًلوها من الصفقات والسمسارات التي مرروها بالتوافق بين بعضهم البعض في مجالس وزراء الحكومات المتعاقبة مند ٣٢ سنة لليوم عبر مجلسًي الإنماء والإعمار والجنوب والهيئة العليا للإغاثة وصندوق المهجرين ووزرارات المالية والصحة والأشغال والطاقة والإتصالات والتربية والبيئة والتنمية الإدارية .
فهؤلاء هم المسؤولون عن صلب لبنان والقتلة النقديون والماليون والإقتصاديون الحقيقيون لشعبه ودولته لا رياض سلامة الذي جريمته الوحيدة أنه وثق بالدولة وبسياسييها ووفر لسلطاتها وإداراتها ومؤسساتها المدنية والعسكرية كل التموييل طوال ٢٦ عاما وأمًن للبنانيين على إختلاف فئاتهم إستقرارا نقديا ساهم في إستنهاض البلد وفي رخاء أهله .
من هنا نقول أن الملاحقات القضائية والمساءلات والتحقيقات كان يجب أن تذهب بهذا الإتجاه لأن هؤلاء هم المسؤولون عن الإنحدار أللا أخلاقي الذي وصل اليه البلد على كافة الأصعدة النقدية والمالية والإقتصادية . فهذه المنظومة من ميليشياويين وسياسيين ورجال أعمال الذين أستولوا على السلطة منذ إتفاق الطائف إلى اليوم هم الذين نهبوا أموال اللبنانيين في المصارف ومصرف لبنان والخزينة العامة وهم الذين يجب مساءلتهم قضاءيا .
كما إن إنهيار الليرة وضرب الإستقرار النقدي يتحمله حسان دياب و “حكومة اللعنة” الذي ترأسها والتي إنتقلت بالبلد من ١٥٠٠ ليرة للدولار إلى ٤٨٠٠ ليرة بيوم واحد منذ لحظة إعلانه بنفسه إمتناع حكومته عن دفع سند اليورو بوند الذي كان مستحق على لبنان بقيمة مليار و٣٠٠ مليون يورو في آيار من العام ٢٠٢٠ مما أدى إلى تدهور درامي تدريجي غير مسبوق لسعر صرف الليرة حتى وصل إلى أرقام خيالية ووضع لبنان في خانة الدول الممتنعة عن الدفع أي بالترجمة الديبلوماسية وضعه في خانة الدول المفلسة . ولم تكتفي “حكومة اللعنة” بقرار إلإمتناع عن الدفع بل عمدت إلى إجبار مصرف لبنان بصرف ١٥ مليار دولار من أحتياطه على دعم المشتقات النفطية من بنزين ومازوت وفيول والمواد الغذائية والأدوية والتي نهبت بمعظمها وتوزعت على أزلام القوى السياسية من التجار التابعين لهم مما أفقد مصرف لبنان لنصف أحتياطه الذي كان يبلغ آنذاك ٣٣مليار دولار والذي كان من الممكن توفيره لوقف تدهور الليرة ومنعه من الوصول الى أرقام عالية . وهذا ما يجب التحقيق به ومساءلة دياب ووزرائه لماذا فعلوا هذا الأمر وأخذوا البلد إلى إنهيار عملته وضرب إستقراره النقدي يالتزامن أيضا مع الإستماع إلى كل القوى السياسية التي شاركت بوزرائها في الحكومات المتعاقبة والذين يعتبرون هم المسؤولين الأكبر عن سقوط البلد وإفلاس دولته وإفقار شعبه بعد أخذهم لودائعه في المصارف عبر سندات الخزينة التي كان يؤمن تموييلها مصرف لبنان ووزارة المالية معا تنفيذا للقوانين التي كان يقرها مجلس النواب بطلب من هذه الحكومات التي تتحمل مع حكومة دياب كل ما آل إليه لبنان واللبنانيين معا من مآس ودمار وخراب وفقر لا سلامة الذي يتم الإستقواء عليه لانه لا يملك ميليشيا ولا لديه حزب ولا عنده تيار سياسي ولا أي جهة سياسية تدعمه وتقف إلى جانبه ولهذا يريدونه كبش فداء ليهربوا من مقصلة الشعب ويحموا فسادهم من المساءلة والمحاسبة
لا بد من توجيه الشكر الجزيل لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة على منحه الفرصة للعديد من المغمورين وإلى العدد الأكبر الآخر الطامح للظهور الاعلامي على شاشات التلفزيون وعلى اليوتيوب . لقد ظهر في لبنان خبراء محاسبة و فطاحل اقتصاد وجهابذة قانون واختصاصيين في السياسة النقدية والمالية اكثر مما لدى الولايات المتحدة الأمريكية من ذات النوع . الظهور الاعلامي مرض نفسي اصاب كل من قالت له امه تقبرني على هالطللة كنت بتاخذ العقل على التلفزيون . ووسائل الإعلام ترغب دائما بتعبأة مساحات بث مجانية لا تكلفها اية أعباء فسمحت لهؤلاء الغوغائيين بالظهور على شاشاتها . موجة الهجوم على حاكم مصرف لبنان تعرض اللبنانيين للمخاطر والتي ستصيبهم حكما مع كل حملة جديدة قديمة عليه.و دخل الجميع آتون هذه الحرب المقدسة والجهاد الأكبر في سبيل الظهور والشعبوية من قضاة إلى نواب ووزراء وأصحاب أموال ومنصات تواصل مدفوعة الثمن وصحف بعضها أعلن الجهاد منذ ما قبل الازمة لأنها لم تجد مع الحاكم منفعة ومصلحة أو قرض مدعوم الفوائد. وتناسى الجميع الطبقة السياسية التي حكمت البلد واهدرت أموال الناس و نهبت ما استطاعت اليه سبيلا . وأيضا تناسى العهد القوي من جهته أن الحكم في لبنان هو استمرارية وانه سيرث افعال و نتائج أفعال من سبقوه في الحكم وأن الدولة قد استدانت واقترضت وأنفقت وعليها دين عام يجب سداده من قبلها لا من قبل المصارف والناس. التحقيق الذي يجريه القضاء حاليا بخصوص مبالغ اقرضها مصرف لبنان لبعض المصارف أعلنها الحاكم خلال مؤتمره الصحفي مع بداية الازمة وأفاد من يريد أن يسمع بأن المصارف لديها حسابات مجمدة لدى المصرف المركزي ومن أراد السحب منها عليه أن يدفع فائدة مقدارها ٢٠% اي ان المبالغ التي اقرضها هي من بعض حسابات هذه المصارف ولديها حسابات اخرى ولا تزال وأن سحوبات المصارف استعملت لتغطية سحوبات المودعين لديها وكذلك لتغطية ودائع للمؤسسات المصرفية المودعة لديها منعا من إعلان توقفها عن الدفع في الخارج علما ان اسعار الدولار كانت حينها لا تتجاوز ١٨٠٠ ل.ل للدولار الواحد وقبل أن تقوم حكومة دياب بالتخلف عن دفع سندات اليوروبوند.تلك الخطيئة التي ورطتنا بعواقب سنتحمل نتائجها لسنوات طويلة مقبلة .من السهل أن تجمع جهة ما مجموعة من المقالات والدراسات وتصيغها على شكل دعوى ظاهرها إصلاحي وباطنها سياسي و الهدف الأساسي منها الشعبوية والرغبة في السلطة .
لقد تغاضى الكل عن صناديق الهدر وعن مجالس السرقة و عن التزامات وسمسرات الوزارات في الكهرباء والاتصالات والاشغال والصحة والتربية والبيئة وغيرهم وعن الطبقة السياسية الفاسدة التي حكمت البلد منذ ٣٠ عاما ولا تزال تتحكم به واعتمدت فقط في إصلاحها على الحائط المائل و يرغبون مخالفة كل القوانين واستعمال سلطتهم في غير مكانها ولكن ستثبت الايام القادمة انهم اخطأوا وأن تركيزهم على جهة واحدة هي رياض سلامة لن تحقق اي نتيجة سوى خراب ما تبقى من البلد الذي لم يستحقوه يوما وحولوه الى مشاع لهم وعائلاتهم وأزلامهم .
نقل الصحفي المحترم الاستاذ نبيه البرجي في مقال له تاريخ ٢٤ ايار ٢٠٢٢ حمل عنوان “راقصو الروك في عربة الموتى” عن برنار أيميه رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية والسفير السابق في بيروت قوله : لندع لبنان يمضي الى الانهيار الكبير أو الى الخراب الكبير وحتى الى الفوضى الكبرى كسبيل وحيد لإندثار المنظومة السياسية بكل مكوناتها وذلك أفضل من الذهاب نحو تسوية حكومية ومن ثم رئاسية تكرس سياسات الأجترار والدوران العبثي حول الأزمة . تاليا الموت البطيء للدولة ولرعايا هذه الدولة وقد أثبتت أحداث السنوات الأخيرة عجز تلك المنظومة وسقوطها الاخلاقي والسياسي دون ان يكون لديها من هدف سوى البقاء على رأس سلطة هي مثال للهلهلة وللتعفًن والتبعية”.
لو كان المسؤولون الفرنسيون ومن بينهم السفير أيميه نفسه صادقون في هذا الكلام وجادون في انهاء منظومة الفساد التي وضع ماكرون قادتها وممثليها على طاولة مستديرة ترأسها في قصر الصنوبر ( طبعا بتنزيه محمد رعد من هذه المنظومة ) لكانوا ذهبوا الى كشف حساباتهم هم وزوجاتهم واولادهم وازلامهم في المصارف الفرنسية والاوروبية وكشف عقاراتهم من منازل وفلل وشقق وقصور وشركات في فرنسا واوروبا وحتى اميركا . وعدم وجود سرية مصرفية في فرنسا ودول الاتحاد الاوروبي واميركا يسهًل على أيميه الوصول لارقام اصحاب الحسابات المالية وبالطبع إلى عقاراتهم أيضا علما أن كونه رئيس جهاز أمني من ألأكيد لديه أرقام حساباتهم وأسماء المصارف الموضوعة فيها ويعرف أيضا مكان عقاراتهم لذلك كان ألأسهل عليه وعلى باقي المسؤولين الفرنسيين ومعهم الأميركان بدل اخذهم لبنان الى الانهيار الكبير والفوضى الأكبر كسبيل وحيد لإندثار قادة وسياسيي المنظومة السياسية الفاسدة بكل مكوناتها حسب إدعاءه أن يذهبوا لو كانوا جديين وصادقين بمساعدة اللبنانيين للخلاص من منظومتهم السياسية الفاسدة الى كشف حساباتهم المالية وعقاراتهم في الخارج لكان الناس لوحدهم أسقطوا معظمهم في صناديق الأقتراع خلال الانتخابات النيابية الاخيرة قبل اسابيع ولكانوا أنقذوا لبنان وأعادوا الأمل الى اهله مقيمين ومغنربين بإعادة إستنهاضه وبنائه على أسس حضارية وراقية بعيدا عن التزلف والإستزلام لهذا البيك والشيخ والزعيم أو لذاك الحزب والتيار ولمنعوا إستكمال سقوط ما تبقى من دولتهم وحموا مدخراتهم في المصارف من التبخر .
والحقيقة يجب أن تقال إنطلاقا وهي أن السفير أيميه ومعه رئيسه ماكرون وإلى جانبهم الاميركي هم الذين يرعون قادة وازلام منظومة الفساد في الداخل اللبناني وهم أنفسهم أيضا من يحمي اموالهم وعقاراتهم في الخارج ومعهم ومن خلفهم اسراءيل التي تطلب منهم ذلك لأنه لا يناسبها إصطلاح الامور في لبنان وهي التي تمنع فعليا حصول التغيير الحقيقي فيه كي لا يصبح لبنان بلد قوي بمنطق “دولة العلم والثقافة والديمقراطية الصحيحة التي قد تتكامل مع منطق قوة الصواريخ فتحول لبنان إلى أيقونة المنطقةعلما وثقافة وتطورا وديمقراطية وقوة منيعة لا تقهر” وهذا الأمر إذا ما حصل من شأنه أن يساعد على تسريع إنهاء وجودها في المنطقة كدولة مغتصبة لفلسطين ومحتلة لاراضي جيرانها بينما في المقابل بقاء لبنان دولة للفوضى ولرعاع المذاهب والطوائف والاحزاب والتيارات المتناحرة يساعد على إطالة بقائها في المنطقة عبر إستمرار تأمين ال “عطف” الدولي عليها وإبقاء مظلة الحماية الاميركية والغربية لها تحت حجة انها بلد الديمقراطية والعلم والثقافة والتطور التكنولوجي الوحيدة في المنطقة والمحاطة بدول الجهل والتخلف والتناحر المذهبي والتقاتل الطائفي والتسابق على السلطة والنفوذ .