متى ستعترف الدولة بدينها؟؟
لا توجد دولة في العالم كله استدانت من شعبها و لم تعمد الى سداد دينها ؟
دأبت الحكومات المتعاقبة و على امتداد فترة ٣٠ عاما بالاستدانة لتمويل عجز الموازنة السنوية عن طريق قانون الموازنة أو قوانين خاصة اخرى اقرت من قبل المجلس النيابي بعد احالات لمشاريع القوانين من الحكومات اليه . و هذه الاموال التي انفقتها الحكومات تشكل اليوم رصيد الدين العام اي ما يقارب ١٠٠ مليار دولار . قد يقول البعض انها أموال مسروقة و منهوبة من قبل الطغمة السياسية التي حكمت البلاد خلال الفترة السابقة و هذا الكلام غير دقيق ؟ قد يكون مثلا ٢٠% او اكثر قليلا من أصل المبلغ قد هدر من ضمن صفقات و التزامات و صناديق و تعويضات على مشاريع استغلتها الطبقة السياسية لمنفعتها و منفعة ازلامها لكن مجموع الدين العام قد أنفق فعليا من قبل الحكومات التي حكمت لبنان خلال الفترة السابقة .و هذا الإنفاق لا علاقة للدائنين بوجهة استعماله و اذا أرادت الدولة تصحيح خلل انفاقها عندها عليها أن تعود قضائيا و محاسبيا على من تولى مسؤوليات الإنفاق.
البلد الآن أمام معضلة تتمثل بتشابك المصالح ما بين أطراف النزاع فالدولة هي المدين الأساسي و مصرف لبنان هو المدين الثانوي و المصارف هي المدين المباشر و المسؤول و الدائن الوحيد هي أموال المودعين لجزء كبير من الدين العام .
لتفصيل العمليات المالية التي تمت نرى :
أولا: إن المودع وضع أمواله لدى مصرف و على مسؤوليته و لقاء فائدة و هو اختار المصرف و قبل التعاقد معه .
ثانيا : المصرف و على مسؤوليته الكاملة و مسؤولية رئيس و أعضاء مجلس الإدارة و القيمين على العمل فيه .قبل أموال المودع و التعاقد معه و تعهد إدارتها و الحفاظ عليها إدارة الاب الصالح دون تحميل المودع اي مخاطر ناتجة عن توظيفها وعليه استعمالها دون مغامرة أو جشع .
ثالثا: مصرف لبنان تلقى جزء من هذه الاموال من قبل المصارف و اودعتها لديه لقاء فوائد و اغراءات تقبلت هي تحمل مخاطر هذا التوظيف و بدوره عمد مصرف لبنان استنادا لقوانين , اقراض الحكومات المتعاقبة هذه الودائع المصرفية بالإضافة إلى أمواله الخاصة .
رابعا : الدولة اقترضت مباشرة من القطاع المصرفي بواسطة سندات خزينة بالليرة اللبنانية و يوروبوند بالدولار الأميركي( ٣٤ مليار دولار و ٣٥ الف مليار ليرة لبنانية نهاية ٢٠١٩ ) و كذلك بعد أن استنفذت قدرات القطاع عمدت إلى الاقتراض مباشرة من مصرف لبنان لتمويل اعتمادات مؤسسة كهرباء لبنان و استيراد المازوت لصالح وزارة الطاقة و كافة الحاجات المطلوبة للدولة من القطع الأجنبي ووصل رصيد الدولة المدين لدى مصرف لبنان لحدود ٦٨.٥ مليار دولار .
من هذه الصورة المبسطة لعملية اختفاء الاموال نرى أن الدولة هي المدين المباشر لكافة مصادر التمويل .
الدولة كما هو مفروض خصم شريف تحكمه القوانين ( قانون التجارة و قانون النقد و التسليف ) و بالتالي لا تستطيع نكران استعمالها للاموال و حجة الفساد و الهدر مسؤولية من تولى السلطة السياسية خلال ال ٣٠ عاما المنصرمة .و لان الحكم استمرارية لا تستطيع اي سلطة أو حكومة سياسية التهرب من سداد الاموال المستعملة و باي طريقة يراها الدائنون مناسبة للحصول على دينهم .اي المطلوب أولا و آخرا أن تعمد الحكومة إلى:
– الاعتراف المباشر و الصريح بدين الدولة و رصيده.
– التفاوض المباشر مع الدائنين للوصول إلى حل يناسب الجميع و وضع الخطط المناسبة للوصول الى سداد هذا الدين .
– التوجه إلى القضاء لاستعادة ما تراه الدولة هدر و سرقة و فساد .
– التدقيق الجنائي في كافة مصادر الهدر و الفساد في وزارة الطاقة و مؤسسة الكهرباء و في الصناديق و المجالس .
– تأمين فريق الدائنين نفسيا و سحب فتيل الخسائر عن كاهلهم خصوصا القطاع المصرفي و المودعين .
لا مسؤولية تقع على كاهل المودع بأي طريقة كانت و أمواله يجب أن تصان و تحفظ و على الدولة و مصرف لبنان إجبار القطاع المصرفي ليعترف بقدسية الودائع لديه .
تتحمل المصارف جزء من المسؤولية لتوسعها المخيف في إقراض الدولة بشكل مباشر و في ايداعاتها المبالغ فيها لدى مصرف لبنان طمعا بايرادات حققت من خلالها ارباحا راكمتها على شكل أموال خاصة و احتياطيات و توسعات داخلية و اقليمية و دولية .
و هي المسؤول الوحيد اتجاه المودعين باموالها و أموال القيمين عليها أصول و فروع .
الحكومات المتعاقبة و الطبقة السياسية تتحمل اكبر مسؤولية لاجبارها مصرف لبنان بواسطة القوانين على السعي الدائم لإيجاد مصادر تمويل لعجز الكهرباء و المازوت و نفقات الدولة و استعمالها المادة ٩١ من قانون النقد و التسليف لاجباره على ذلك .
لذلك سيبقى الحل الأول و الاخير بيد السلطة السياسية و مدى جديتها بأنهاء الأشكالية و اخذ القرار الصحيح و المناسب لمعالجة موضوع الدين المتوجب بذمة الدولة و وضع الخطة المناسبة لسداده .
Leave a Comment