التقييم العقلاني لمرحلة ما بعد الانتخاب

وفق المعلومات والمعطيات المتوفرة البلد مرشح للدخول بغيبوبة سياسية نتيجة التطاحن السياسي المتوقع حصوله بين الكتل النيابية التي أفرزتها الانتخابات النيابية والمقسمة لثلاث كتل الأولى والتي تضم الثنائية الشيعية والتيار الوطني الحر وحلفائهم المردة والاحباش وبعض النواب السنة والعلويين المستقلين ، والثانية تضم القوات اللبنانية وحزب الكتائب وحليفهما أشرف ريفي وعدد من النواب السنة المستقلين ، والثالثة تضم نواب المجتمع المدني ومعهم النواب المستقلون أوسامة سعد وعبد الرحمن البزري وميشال معوض ونعمة فرام وغيرهم
هذا التطاحن السياسي المنتظر بين التجمعات النيابية الثلاث المشار إليها آنفا سيؤدي الى تعطيل الحياة العامة في البلد بدءا من تشكيل الحكومة (رئيسها ووزرائها وشكلها) وصولا لإنتخاب الرئيس العتيد . لذلك وفي ظل التطاحن السياسي المتوقع وفق الصورة التي ظهًرتها نتائج هذه الإنتخابات بات من المؤكد انه لا تشكيل لحكومة ما بعدها وستبقى حكومة ميقاتي بتصريف الأعمال وأن الفراغ الرئاسي ينتظر خلف الباب ليطل برأسه على اللبنانيين بعد خمسة أشهر من اليوم . ماذا يعني هذا الكلام :

١- مزيد من التدهور النقدي حيث يتوقع ان يصل الدولار الى حدود الخمسة والاربعين والخمسين الف ليرة قبل نهاية ايلول عشية بدء العد العكسي لنهاية العهد الحالي .

٢- إضطرابات أمنية متنقلة في كل المناطق اللبنانية بدءا من العاصمة على شاكلة أحداث الطيونة والتي يخشى أن يدخل على خطها هذه المرة بعض النازحين السوريين المتواجدين بكثافة كعمال في كل شوارع الاحياء في بيروت وطرابلس وصيدا وجونية وجبيل وزحلة وصور والنبطية وحاصبيا وعكار وباقي البلدات والقرى على مساحة البلد الجغرافية خاصة وان معظم هؤلاء مدرب أصلا على حمل السلاح والقتال كما يخشى على هامشها حصول بعض الاغتيالات التي تطال بعض رجال الصف الثاني او الثالث في القوى الفاعلة والمؤثرة لزيادة البلبلة الامنية في البلد .

٣- حزب الله الذي يبدي إنفتاح إيجابي على الاتصالات الفرنسية معه ويشجعها تمهيدا للتفاهمات التي يمكن الوصول اليها مع باريس والتي تحفظ له مكانته في اللعبة الداخلية في حال إقرار التسوية الاميركية – الايرانية في المنطقة لن يسمح بالتأكيد بأن يؤدي الإنفتاح الفرنسي عليه بأضعاف دوره داخل تركيبة السلطة المقبلة أو بالأتيان له برئيس خارج التفاهم معه وخارج المعادلة التي تحفظ سلاحه ونفوذه وهذا يعني كلما عجلوا بالتفاهم معه كلما ساهموا بتقصير مدة الفراغ الرئاسي وساهموا بالتخفيف من معاناة اللبنانيين ، أما إذا لم يتم ذلك فهذا يعني إطالة أمد الفراغ الرئاسي وإطالة معاناة اللبنانيين .

٤- ولهذا سيسعى الفرنسيون بإتصالاتهم مع حزب الله لخلق فجوة في جدار العلاقة بينهم وبين السعودية قد تؤدي الى نجاح ماكرون بتأمين إعادة قنوات الحوار المباشر بين الطرفين والذي كان شيراك قد نجح بتحقيقه عام ٢٠٠٥ بعد اغتيال الحريري والذي عقد على اساسه عدة جلسات في الرياض بين وفد الحزب برئاسة نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم والمسؤولين السعوديين برعاية الملك عبدالله .

٥- اذا نجح ماكرون بإعادة قنوات الحوار بين حارة حريك والرياض فهذا قد يؤدي الى تسريع إنعقاد طاولة الحوار الوطني في سان كلو برعاية دولية مدعومة من الفاتيكان والسعودية ومصر وايران يحضرها القوى السياسية على إختلاف مشاربهم بمن فيهم وفد يمثل قوى المجتمع المدني قبل نهاية العام الحالي او مطلع العام المقبل حيث يتم التفاهم خلاله على بعض الاصلاحات الدستورية وعلى أسم الرئيس المقبل على غرار ما حصل في تسوية الدوحة عام ٢٠٠٨ .

بالخلاصة إذا لم يتم كل ذلك وبوقت ليس ببعيد تكون عند ذاك نتائج الإنتخابات النيابية قد أدخلت لبنان وأهله في آتون نفق أسود جديد أسوأ وأخطر من آتون النفق الأسود الذي هو بداخله اليوم .

المحرر.

Written by beirut-act