أبعاد الحملة على سلامة.

قبل سنة زارت شخصية أميركية رفيعة المستوى لبنان بعيدا عن الاعلام نتحفظ عن ذكر أسمها وألتقت بعض القيادات المؤثرة حيث
تمنت على أحدهم أن ينقل لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عدم تكليف نفسه عناء الطلب من شخصيات أميركية وغير أميركية لتوسط مع واشنطن لرفع العقوبات عنه لأنها ليست بالامر السهل الذي يتصوره . كما تمنت على من إلتقته أن ينقل لباسيل أيضا نصيحة بوقف سعيه للرئاسة لأن ألمعنيين دوليا وإقليميا بالملف لن يعيدوا تجربة إنتخاب قيادي سياسي لسدة الرئاسة ، ناصحة إياه بترتيب علاقته بإثنين هما قائد الجيش العماد جوزف عون وحاكم مصرف لبنان رياض سالمة ووقف الحملات عليهما معا لأن الرئيس المقبل سيكون على طرازهما وشاكلتهما أي كما يقال بالعامية ما بوجع الراس . واردف الزائر الأميركي يسأل محدثيه الذين بعضهم كما أشرنا آنفا مؤثر بالسياسة الداخلية : أتعلمون ما الخطأ الكبير الذي أرتكب بمجيء العماد عون لكرسي الرئاسة ؟ ليجيبهم بنفسه قائلا : كونه يمثل تيار سياسي يعمل في البلد ويسعى للحصول على مكاسب في كل الإتجاهات عن طريق سعيه للاستحواذ على التعيينات والمراكز سواء كانت إدارية أو عسكرية وأمنية وقضائية أو مالية ونقدية أو ياسية عن طريق تمرير مشاريع مناطقية تؤ ًمن الدعم لجمهوره . ومن الطبيعي إزاء ذلك أن يعمل الرئيس على إنجاح مشروع تياره وتقويته . وفي هذه الحال لم يكن رئيسا واحدا تجاه جميع اللبنانيين مما يعني أنه لم يساوي بينهم ولم يقدم الى الموالين له والى ألمعارضين حتى لعهده لا على صهره ووريثه السياسي ولا على تياره السياسي . ما قاله الضيف الأميركي البارز لمن إلتقاهم بعيدا عن الإعالم نقله مرجع كبير لأحد القضاة المحترمين المقربين منه الذي قام بدوره بإطلاع جهة نافذة بالبلد على فحوى ما سمعه من المرجع المذكور . ومنذ تسلم باسيل لهذه النصيحة والحرب السياسية وغير السياسية مستعرة بالمخفي على قائد الجيش من جهة وبالعلن على سلامة من جهة أخرى حيث أقاموا الدنيا عليه ولم يقعدوها بعد. فبالرغم من مرور حوالي الثلاث سنوات على الازمة المالية التي يمر بها لبنان لم نرى أي مسؤول أو سياسي أو خبير مالي – إقتصادي قدم حل حقيقي أو خطة واضحة للخروج منها في الوقت الذي لا يزال سلامة يعمل وحيدا لاعبا كافة الأدوار من تأمين المال للقطاع العام إلى الحفاظ على ديمومة العمل الرسمي بتأمينه نفقات الدولة ورواتب الموظفين وتمويل عمليات الإستيراد للضرورات المعيشية اليومية . وفي هذه الحال سيبقى سلامة الجهة الوحيدة التي باستطاعتها إخراج البلد من محنته ووضعه على سكة التعافي المالي ، فحفاظه على القطاع المصرفي بأصعب الظروف الذي يمر بها البلد وأهله هدفه ليس حماية أصحاب المصارف وديمومة مصارفهم بصفتها شركات خاصة لهم وإنما بإبقاء القطاع المصرفي حي وقابل للحياة بانتظار موافقة الحكومة على خططه لإصلاحه وإعادة تصويب مساره كجزء ضروري من قيامة البلد . لم يمد احد من المسؤولين أو السياسيين اليد لمساعدته وإنما تركوه لوحده يتشظى من الهجوم المركز عليه ولم تتقدم أية جهة سياسية بالدفاع عنه. كان سلامة و لا يزال “خشبة الخلاص” للبلد من الهوة القاسية التي أصابت الأوضاع والانهيار الأليم الذي لحقه . فالصمود الرائع له يترجم بشخصيته المالية الفذة التي لا يراها عامة الناس ولا يراها الرأي العام الذي يتأثر بالهجوم المركز عليه من معظم القوى السياسية خصوصا التيار العوني والتركيز عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي فليس صحيحا أن فساد الدولة وما وصلت إليه حال البلد من إفلاس للدولة ومن إفقار لنصف مواطنيها سببه سياساته النقدية وطريقة إدارته لمصرف لبنان وإنما سببه الحقيقي هو تصرفات الحكومات المتعاقبة منذ إتفاق الطائف إلى اليوم والتي لم تأت سوى بالنكبات على البلد وأهله بكافة الصعد . ولهذا لا توجد مصلحة لمهاجميه في تظهيره “بطلا” حافظ و يحافظ على بلاد انهكتها سياسات أنفاق وهدر وفساد وصناديق سرقة و نهب ولم يحاسبها العهد منذ وصوله لبعبدا عام ٢٠١٦ وهو بات الآن على مسافة أشهر قليلة للرحيل ولم يتطرق هجومه يوما إلى إهدار الأموال الطائلة في وزارة الطاقة ولا في عمليات استيراد الفيول المغشوش الذي فتح القضاء المحاسبة فيه واقفل فجأة لان ابطاله معظمهم محسوبين على جهة معينة ليس من مصلحة العهد الإضاءة عليها . كما ليس من مصلحة التيار الوطني الحر ولا غيره من القوى السياسية المعنية بالملف الرئاسي اليوم الإضاءة على العمل الدؤوب والجيد الذي يقوم به سلامة لان في ذلك إبراز لصفته “كرجل دولة” يعلم كيف تدار الأمور وتعالج . والرأي العام الذي تسوقه الطبقة السياسية بمعظمه للأسف أعموا بصيرته عن الحقائق وصوروا له سلامة بأنه الشيطان ، وكل ذلك لغايات أصبحت معروفة هدفها إبعاده عن “الحاكمية” كي لا يبقى الأسم ألأبرز والمتقدم في لائحة اسماء المرشحين للرئاسة.
أخيرا لا بد من التوضيح أن زيارة الدبلوماسي الكبير والرصين في الخارجية الأميركية دايفيد هيل لسلامة في دارته  قبل سبعة أشهر وتناوله الغداء على مائدته بحضور السفيرة دورثي شيا جاءت بعد أشهر على زيارة الشخصية الأميركية المهمة للبنان المذكورة آنفا . وهذا يعني إنه بالعودة إلى فحوى ما نقلته هذه الشخصية الأميركية للمرجع المذكور بخصوص الملف الرئاسي وباسيل والنصيحة التي ارسلتها للأخير نعرف حينها بأن زيارة هيل لسلامة لم تأتي من فراغ بل من ضمن هذا الجو . وكان أكثر من فهم هذه الرسالة وفهم أبعاد النصيحة التي وجهت له هو باسيل نفسه ، ولهذا كانت حربه الشرسة على سلامة وبكل أنواع الأسلحة المدنية ولا تزال مستمرة وبشراسة ولن تتوقف حتى إمرار الأستحقاق الرئاسي الذي لن يحصل في موعده الدستوري حيث ستدخل البلاد في فراغ رئاسي يسبق المؤتمر التأسيسي القادم برعاية دولية وإقليمية وعربية وستستضيفه الدولة الحنونة التي ليتها إستمرت بانتدابها علينا على ألأقل ما كنا لنرى هذه الوجوه السياسية الكالحة الخارجة من جحر إبليس والمتخرج من مدرستها كل من علي بابا والاربعين حرامي معا .

Written by beirut-act