من شاهد قبل أيام المواطن بسام الشيخ حسين وهو يحمل رشاشه داخل فرع فدرال بنك في منطقة الحمراء محتجزا موظفيه مطالبا بوديعته الموجودة لديه يشعر بالإهانة التي وجهتها ولا تزال توجهها جمعية المصارف رئيسا وأعضاء تجاه نفسها وموظفيها ومودعيها معا .
إن سوء تصرف جمعية المصارف رئيسا وأعضاء في مواجهة ألأزمة النقدية والمالية والإقتصادية غير المسبوقة التي عصفت بالبلد منذ السابع عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٩ حتى اليوم والمرشحة للتمدد لفترة قادمة نأمل ان لا تكون طويلة وذلك بسبب عجزها عن وضع خطط تراعي مصالح المودعين قبل مصالحها الخاصة ولفشلها في إستنباط حلول تحافظ معها على ثقة المودعين لديها . فخوفها على أموالها الخاصة تتقدم عندها على أموال المودعين كما صرح الوزير السابق المصرفي مروان خيرالدين في معرض إحتجاجه على أدائها الهزيل في مواجهة هذه ألأزمة وكذلك بنك عودة ومجموعة من المصارف ألأخرى فعمل الجمعية الدائم منذ بدء الأزمة أظهر وقوفها ضد المعالجات التي طرحها حاكم مصرف لبنان مستنبطا بها الحلول الناجعة لردم الهوة بين مطالبها الخاصة ومطالب المودعين عامة . كما لم تلب معظم المصارف شروط مصرف لبنان في تأمين زيادة رؤوس الأموال وكذلك ضخ أموال طازجة من مساهميها لتلبية حاجات المودعين بحدها ألأدنى وتوفير متطلبات العيش الكريم وفق التعاميم التي فرضها مصرف لبنان عليها والتي حاول جاهدا الحاكم تحسين شروطها وزيادة مبالغها فجوبه برفض الجمعية للتعاون . التجربة المريرة التي تعرض لها موظفي فرع فدرال بنك وقبلهم الموظفين في فروع مصارف أخرى لم تكن لتحدث لو تجاوبت جمعية المصارف بجدية ومسؤولية عالية مع مصرف لبنان في تحسين شروط التعامل مع مودعيها لإعادة بعض الثقة بينهما . فهل ينتظر أصحاب المصارف أو بعضهم حدوث مزيد من هذه الأعمال تكون نتيجتها وقوع ضحايا بريئة من الموظفين والمودعين ؟ يجب على جمعية المصارف رئيسا وأعضاء التعاون السريع مع مصرف لبنان لإيجاد الطرق المناسبة لتأمين حاجات وإستمرارية المواطنين بإنتظار أن تجد حكومة ما الحل النهائي لمشكلة دين الدولة المستحق عليها للمصارف ولمصرف لبنان معا وعندها تصبح إستعادة المودعين لحقوقهم كاملة .
قرأنا الكلمة التي قالها رئيس جمعية المصارف سليم صفير خلال إنعقاد جمعيتها العادية السنوية يوم الثلاثاء الماضي ويا ليته لم يقل ما قاله لأنه كان “كلاما غير مسؤول” وأكد بما لا يقبل الشك صحة خطوة الوزير السابق خيرالدين بتعليق عضوية مصرفه بمجلس إدارة الجمعية التي لا هم لمعظم أصحاب المصارف فيها سوى الحفاظ على رساميلهم ومصارفهم قبل حفاظهم على أموال المودعين كما قال صاحب بنك “الموارد” في بيانه قبل أسابيع . وللأسف هذا ما جاهر به صفير علنا في كلمته المذكورة حيث أكد سعي الجمعية في إتصالاتها لصون أولا أبسط حقوق مصارفها وثانيا صون حقوق موظفيها والمحافظة عليها وثالثا الحفاظ على حقوق المودعين . اذ انه في هذه الحال وضع حقوق المصارف بألأولوية ومن ثم حقوق موظفيها وبعدهما حقوق المودعين . والمضحك المبكي هو أن صفير دعا في كلمته رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان لمشاركة المصارف في مشروع إعادة هيكلة القطاع المصرفي . ولهذا نسأله كيف يمكن لجمعية المصارف أن تشارك في إعادة هيكلة قطاعها وهي بالأساس بحاجة لإعادة هيكلة وضعها الداخلي لترتيب شؤونها بين أعضائها وتفعيل أدائها إيجابا والخروج من رتابة مواقفها وتحسين خطابها المصرفي ليصبح أكثر عقلانية وعلى قدر عال من المسؤولية . فلا يمكن لصفير أن يقول بأنه لا قيامة للبنان من دون قطاع مصرفي معافى وسليم في الوقت الذي تآمر معظم أصحابه مع النافذين والسياسيين وهربوا أموال بعضهم البعض بعد إنتفاضة الحراك المدني في السابع عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٩ الى فروعهم في الخارج والمصارف الأوروبية وتركوا المودعين لمصيرهم الأسود وتأتي الجمعية بكل سذاجة لتدعو على لسان رئيسها بمشاركتها في مشروع إعادة هيكلة المصارف الذي في الحقيقة يجب أخراج نصفهم من القطاع لفقدانهم الأهلية الإدارية ومساءلة ومحاسبة كذلك غالبية أصحاب المصارف والمدراء العامين فيها للجريمة التي إرتكبوها بحق المودعين بالتكافل والتضامن والتآمر مع نافذي القوى السياسية والحزبية . وكيف يمكن لصفير أن يقول إنه يمكن الطلب من القطاع المصرفي المشاركة بالتضحيات ولكن لا يمكن أن يطلب منه توقيع حكم أعدامه بيده . ونسأله هنا ما هي التضحيات التي يقصدها ويمكن أن يشارك بها القطاع المصرفي ؟ هل هي بموافقته لاحقا على إعادة أموالهم وأموال عائلاتهم وأقاربهم وكبار مساهميهم وأموال السياسيين التي حولوها للخارج وإعادتها إلى خزائن مصارفهم لتكون مجددا تحت تصرف مودعيهم أم إنه يقصد التضحية بما تبقى من أموال المودعين . ولهذا ندعو صفير الذي قاربت ولايته الثانية على الإنتهاء الأخذ بإعتراضات مروان خيرالدين وبنك عودة وتنال الصباح ومعهم ١٨ مصرفا آخر وإلًا تكون جمعية المصارف بأدائها الهزيل وضعف عمل مجلسها وحضوره الخجول كمن “يجلد” نفسه بنفسه .
ادخل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل مصطلح جديد هو “حاكم التعاميم” في حربه المستعرة الظالمة وغير المحقة على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منذ ثلاث سنوات ونيف . فأثناء إطلالاته المتلفزة التي توزعت بين المقابلات الصحفية وخطابات المناسبات الحزبية والشعبية خلال الحملات الإنتخابية وبعدها أطلق باسيل هذا المصطلح الذي برأينا لم يكن موفقا به . فهو أما أطلقه في معرض نكاياته المستمرة ضد سلامة وأما أنه تسرع يإطلاقه من دون معرفة أهمية هذه التعاميم وجدواها والتي نظمت العلاقة بين المصارف ومودعيها والتي لولاها لما تمكنت المصارف أصلا من إلإستمرار بالعمل في ظل هذه الأزمة الوجودية التي يمر بها البلد منذ السابع عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٩ حتى اليوم . ولما كانت كذلك إستطاعت تأمين الحد ألأدنى من تلبية أحتياجات المودعين والتجار قبض موظفي الدولة وألأسلاك العسكرية لرواتبهم .ولا ننسى أنه بواسطة هذه التعاميم إستطاع مصرف لبنان تسديد أكثر من مليون حساب لصغار المودعين خلال فترة وجيزة لم تتعدى السنتين . ونحن على ثقة تامة بأن النائب باسيل لو كان على معرفة كافية ووافية بجدوى هذه التعاميم وأهميتها لما كان سمح لنفسه بإطلاق تسمية “حاكم التعاميم” حيث كان ألأجدر به أن يشكره على تعاميمه بدل ألأستهزاء بها . ونسأل هنا النائب باسيل بكل أحترام أين مستشاريك ألاقتصاديين والماليين الموجودين في فريق عملك ، إذ كان ألاجدر لك سؤالهم عن هذه التعاميم لكانوا شرحوا لك فحواها وأهميتها ، إلا إذا أفادوك بسلبية هذه التعاميم ، عندها عليك مساءلتهم ومحاسبتهم لخطئهم الكبير هذا تجاهك وتجاه اللبنانيين . والتي هي شبيهة بالخطأ القاتل الذي أشاروا به عليك عندما ذهبتم لإتخاذ قرار في حكومة دياب بإمتناع لبنان عن دفع سند اليورو بوند البالغ قيمته ثلاث مليارات والذي كان مستحق على لبنان في آذار من العام ٢٠٢٠ حيث كان هذا القرار المقتل لليرة وبدء إنهيار سعر صرفها أمام الدولار والتي بدل أن تتحمل حكومة دياب والقوى السياسية الداعمة لها المسؤولية عن هذا التدهور النقدي يومذاك حملوها ظلما لسلامة الذي كان قد نصح المسؤولين جميعهم بعدم إتخاذ هكذا قرار قاتل لليرة اللبنانيين.
بناء على ما تقدم نقول للنائب باسيل ولتياره ولباقي القوى السياسية في ٨ و ١٤ ماذا لو أصدر تعميما جديدا ألغى فيه العمل بكل تعاميمه فماذا إذن سيفعلون هم لتأمين سبل العلاقة بين المصارف ومودعيها ؟ وكيف سيستطيعون تأمين عمل التجار ورواتب القطاعين العام والخاص معا ؟ .