ألعهد وبدايته ألواعدة .

بعد أنتهاء عهد ألرئيس ميشال عون في 31 /10/ 2022 ، بشهر أي في 30/11/2022 نشرت لي العزيزة “ألنهار” في نسختها الورقية بصفحة ألمنبر مقال حمل عنوان : ألثنائية بين مأزق ألحليفين باسيل وفرنجية والفراغ ألطويل وسيناريو 2008 . أول تعليق وصلني من الصديق ألرئيس أيلي الفرزلي الذي كتب لي قائلا : لا يوجد إلًا سيناريو واحد أنتخاب فرنجية رئيسا . أجبته بأن تعليقه على مقالي ينطلق من رغبته وتمنيه بحصول ذلك والرغبة والتمني بالسياسة لا يمكن تأكيدهما . وما أوردناه في مقالنا إنما ينطلق من معلومات لدينا مقرونة بقراءتنا بتجرد وواقعية للمشهد ألسياسي العام محليا وعربيا واقليميا ودوليا .
بالفعل حصل تماما ما أشرنا إليه وكنا على صواب فيما كتبنا ، حيث دخلت ألثنائية بمأزق كبير نتيجة صراع حليفيها على ألرئاسة ، وفشلت في تأمين تفاهم بينهما ،حيث أستمر باسيل على موقفه ألرافض لإنتخاب فرنجية ، مما أدى إلى دخول ألبلاد بفراغ رئاسي طويل أمتد لعامين وأربعة أشهر ، وانتهى على طريقة سيناريو 2008 بانتخاب قائد ألجيش ألعماد جوزف عون رئيسا للجمهورية في/2025 9/1 تماما كما كتبنا حرفيا في مقالنا ألمشار أليه أعلاه .
نحن هنا لسنا في معرض تسجيل نقاط بيننا وبين الرئيس الفرزلي ، الذي كان مخلصا في تمنيه ، ومحقا فيما أشار إليه . أعتقادا منه أن ألثنائية قد تنجح لاحقا برهانها على ألوقت في تمرير فرنجية رئيسا ، لكن حساب حقلها لم يأتي وفق حساب بيدرها . فالثنائية ظهرت عشية أنتهاء عهد ميشال عون ، وقبل بدء ألفراغ الرئاسي ، عاجزة يومذاك ولأول مرة عن إدارة معركتها ألرئاسية بحرافية عالية ، بسبب أولا ضياعها السياسي الذي تمثل بفشلها في تأمين تفاهم بين حليفيها على أنتخاب فرنجية . وثانيا بسبب “عمى بصيرتها” وفقدانها ل”بوصلة” رؤية ألمشهد ألعام في ألمنطقة ومتغيراته . أعتقادا منها أن “فائض ألقوة” لديها قد يكون كفيل في آخر ألمطاف لأخذ الموضوع ألرئاسي للحسم بإتجاه أنتخاب حليفها الزغرتاوي .وهي بالطبع كانت صادقة فيما كانت ترمي إليه ، لكن رهانها للأسف كان خاطئا آنذاك . فأضاعت على نفسها وعلى البلد فرصة أنتخاب قائد الجيش جوزف عون منذ ذاك ألوقت . فربما لو قرأت ألمشهد ألسياسي بواقعية ووضوح وتجرد ، كما قرأناه نحن مقرونا بمعلوماتنا الدقيقة ، ولفتنا نظرها عليه آنذاك ولم تأخذ به للأسف ، لكانت جنبت على ألبلد وأهله ومن بينهم أبناء بيئتها “كأس ألفراغ” ألطويل ، وربما لو سارت في هذا ألأمر في حينه ربما كانت ما أحتاجت للذهاب نحو فتح “جبهة ألإسناد” في 8/10/2023 بعد عملية طوفان ألأقصى ، لانه ربما كان ممكن لها وبالتنسيق مع رأس ألدولة بعد انتخابه لو حصل هذا ألأمر ألذهاب نحو خيار آخر لدعم غزة غير هذا ألخيار ألقاتل والمدمر .
كلامنا هنا للتوضيح لا للتشفي أو ألقاء أللوم على الثنائي ألشيعي الذي نحترم تضحيات مقاومته ونضال شهدائه وجرحاه ، ونقدر عاليا صمود بيئته وما قدمته للوطن ، ونثمًن عاليا أيضا حسمه للخيار ألرئاسي ولو متأخرا بإتجاه أنتخاب ألعماد جوزف عون ، والذي لولا حسمها للأستحقاق ألرئاسي لصالح هذا ألخيار أخيرا ، لكان البلد لا زال حتى ألآن يرزح تحت عبء ألفراغ ألرئاسي ألطويل ، ولكان ألعماد جوزف عون متقاعد ألآن في منزله خارج ألسبق ألرئاسي وخارج خدمته ألعسكرية .
لهذا نتوقف في مقالنا هذا عند بداية العهد التي تبدو واعدة ، لنسجل الملاحظات ألإيجابية ألتالية :
أولا : تسجل لسيد بعبدا حكمته في مقاربته للقضايا ألوطنية ألكبيرة ، وتعاطيه الواعي والرصين معها ، من موقع ألحريص على تحصين ألسلم ألأهلي ، وتجنيبه ألبلد الأنزلاق نحو مغامرات مجنونة ، حفاظا على ألإستقرار والأمن الوطني ألعام .
ثانيا : تشكيل حكومته ألأولى ، واهميتها تمثل برئيسها نواف سلام القادم من خارج نادي رؤساء ألحكومات ، والذي يتمتع ليس بالكفاءة ألعلمية والنزاهة فقط ، بل بالنظرة المدنية لقيام الدولة ، بعيدا عن ألأصطفافات المذهبية والطائفية . وهذا ألأمر مشجع لإمكانية أحداث اصلاحات جذرية في بنية النظام “العنصري” اللبناني مستقبلا ، قد تفتح ألمجال لاحقا لأنتقال اللبنانيين تدريجيا إلى “نظام المواطنة” عوض نظام المحاصصة الطائفية والمذهبية .
ثالثا : أضافة إلى رئيس حكومة عهده ألاولى ، تسجل للرئيس عون أختياره لوزيرين مميزين خلقا وأدبا ونزاهة وكفاءة عالية هم : وزير الدفاع أللواء ميشال منسى ووزير ألداخلية ألعميد أحمد ألححار . وشكل وجودهما داخل ألحكومة رافعة لها ، بأدائهما الممتاز والمميز ، وحضورهما ألدائم والمستمر واللافت . ونهنئه على أختيارهما معا . ونتوقع أن يرافقاه في وزارتيهما حتى آخر عهده في ألحكومة التي ستشكل بعد ألأنتخابات ألرئاسية العام المقبل .
رابعا : كان اختيار الرئيس عون لكريم سعيد حاكما جديدا لمصرف لبنان في مكانه الصحيح . فالرجل عدا كفاءته العلمية ، يتمتع بخبرة واسعة في عالم المال والنقد . وكانا محقان كل من صديقينا مروان خيرالدين” رئيس مجلس إدارة “بنك الموارد” وخليل ألدبس مدير عام “بنك عودة” ، عندما ابلغانا قبل سنة من انتخاب ألرئيس عون أن سعيد هو ألذي سيكون ألحاكم المقبل ، نظرا للصفات الحميدة التي تؤهله للعب دور متقدم بالتنسيق مع وزارة المالية في إيجاد ألحلول الناجعة لأزمة الودائع والمساعدة في إعادة هيكلة ألقطاع المصرفي على أسس سليمة ، وإيجاد ألأرضية المناسبة لإعادة أنتظام العمل بين القطاع المصرفي والبنك ألمركزي والدولة معا.
خامسا : جاءت التعيينات ألعسكرية والأمنية ممتازة بكافة المراكز والقطاعات بشخص الذين سموا لها دون أستثناء .
أخيرا ألملاحظة ألسلبية الوحيدة التي يسجلها ألعهد على نفسه ورئيس حكومته هو إنهما أخطأآ معا في توزير عدد من أعضاء حكومتهم ، نتحفظ عن ذكر أسماء هؤلاء احتراما لأنفسنا . حيث تبين بأنهم لا يصلحون في أن يكونوا في موقعهم الوزاري الذين هم فيه ألآن . نظرا لحضورهم السمج ، وأدائهم ألهزيل ، وشخصيتهم ألمنفرة ، وكفائتهم ألناقصة ، ولو كانوا من حملة ألشهادات . فليس كل من حمل شهادة وأتقن لغة أصبح ذو ثقافة وعلم وكفاءة .
Leave a Comment