أينما توجهت عربيا وأوروبيا ومع أي مسؤول إلتقيت من دبي مرورا بلوزان وجنيف وبيرن إلى أمستردام وصولا لباريس ولندن الحديث هو واحد حملة المستندات المزورة ضد سلامة وأبعادها وخلفياتها والأهداف الكامنة وراءها . ولأن إدارة موقع beirut- act حريصة على تبيان خلفيات الحملة الظالمة التي يتعرض لها سلامة لتحصين الوضع النقدي مجددا ومعه القطاع المصرفي من أجل حماية البلد وأهله تكشف في تحقيقها هذا “الرواية الكاملة” لمسلسل المستندات المزورة كيف وأين بدأ تحضيرها من بيروت مرورا بباريس وصولا إلى سويسرا . ومن كان وراء فكرتها . وبمكتب من تم ألأعداد لها ومن كلف بنشرها وتوزيعها مع تحفظنا على ذكر الأسماء التي يبقى موضوع كشفها وتعريتها يعود فقط للقضاء في كل من لبنان وفرنسا وسويسرا الذي نحترم ونقدر مع علمنا اليقين أن بعض الحملات القضائية في هذه الدول التي خرجت ضد سلامة ما هي إلاً ضحية للمستندات المزورة تلك التي لن يطول ألأمر لوقفها وفضح مروجيها و من يقف ورائهم؟
لنبدأ بسرد الوقائع الحقيقية لمسلسل المستندات المزورة التي بدأ سيناريو التحضير لها بعد أقل من أسبوعين على تشكيل حكومة حسان دياب حيث عقد إجتماع سري بعيدا عن ألأعلام في مكتب مرجع كبير حضره ثلاث وزراء بينهم أثنين كانا يتوليان حقييتين سياديتين فبادر المرجع الكبير المذكور بتوجيه السؤال للثلاثة : كيف سنتخلص من رياض سلامة ؟ ليرد على الفور أحد الوزيرين السياديين قائلا : نفعل كذا ( نتحفظ عن ذكر هذه النقطة الخطيرة ) أو نفبرًك له ملفات مالية كاذبة ومضللًة ونمررها سرا لبعض ألجهات في الحراك المدني دون ان يعرفوا مصدرها وهذه الجهات تقوم بدورها بتوزيعها داخل وخارج لبنان حيث تكون مادة مهمة للقضاء للتحقيق بمضمونها تمهيدا لتوقيفه وشرشحته وتترافق مع حملة سياسية وإعلامية منظمة تحضًر بعناية وإلى حين كشف حقيقتها وتبيان عدم صحتها يكون سلامة قد أعتقل وأقيل من الحاكمية على طريقة المثل العامي بكون اللًي ضرب ضرب واللًي هرب هرب . المجتمعون ألأربعة توافقوا على ألأخذ بهذا إلإقتراح وتم وضع خطوطه العريضة حول من هي ألأسماء التي ستكلف بتحضير الملفات المالية المزورة لسلامة داخل وخارج لبنان ؟ ومن هي الجهات التي سيتم تمريرها لها بالخفاء من دون علم مصدر تسريبها ؟ وعن طريق أية جهة سيتم إيصالها للقضاء داخل وخارج لبنان !
بعد إنتهاء ألإجتماع الرباعي في مكتب المرجع الكبير المشار إليه توجه أحد الوزراء الثلاثة مباشرة إلى منزل مدير عام مجموعة مصرفية كبيرة في لبنان وفرنسا يقطن في ألأشرفية وكان ألأخير أستاذ الوزير أثناء تحصيله الجامعي وبادر أستاذه بالقول له : ودًع رياض سلامة وحضًر نفسك لتعيًن مكانه فقريبا سيعتقل بشبهة ألأحتيال وتبييض ألأموال ومن ثم نقيله بعدها من الحاكمية . رد أستاذه المصرفي بسؤاله : كيف ستقيلونه من الحاكمية والقانون واضح حيث لا تستطيعون ذلك إلًا إذا إستقال هو بإرادته ؟ أجابه : تماما ولهذا سيوقفه القضاء أولا بشبهة تبييض ألأموال ونقيله على أثرها من الحاكمية ونعينك مكانه . سأله مجددا : كيف ستنجحون بذلك ؟ ليجيبه بسرده كل تفاصيل ألإجتماع الرباعي ويكشف له محضر ما جرى فيه من مداولات والخطة التي تم التوافق عليها للإيقاع بسلامة كما أوردناها آنفا . بعد سماعه ما قاله له (تلميذه) الوزير قام (أستاذه) المصرفي الكبير من مكان جلوسه وأمسك بيده وتوجه وإياه تحو شرفة منزله وقال له : أنظر إلى العمارات المجاورة فمعظم شققها غائبة ألإنارة عنها إضافة إلى تكدًس القمامة في الشوارع أنتم كيف ستتمكنون من إعتقال سلامة ومن ثم إقالته من الحاكمية في آن معا وأنتم أصلا غير قادرين على ألإتيان بالكهرباء للناس وتنظيف شوارعهم من الزبالة . أجابه الوزير بثقة العارف المتعجرف : غدا ترى بعينيك وتسمع بأذنيك ما سيحل بسلامة وغادر . في اليوم التالي سارع المصرفي الكبير والمحترم من موقع الحريص على مصلحة البلد وأهله بإعلام من يجب إعلامه من ألأصدقاء القريبين منه بتفاصيل ما سمعه من زائره ليلا وكنا من أوائل هؤلاء القلًة الذين سمعوا منه الرواية المذكورة حيث نقل لنا تفاصيل هذه المؤامرة التخريبية على سلامة كما سمعها من تلميذه الوزير وكيف خطط لها من يفترض بهم حماية الآمان النقدي للبنانيين ومدخراتهم المصرفية وحماية رئيس سلطتهم النقدية لا التآمر عليه وتشويه سمعته من أجل آجندات خاصة وحسابات سياسية ضيقة ذات منفعة شخصية .
إذن بدأ المرجع الكبير والوزراء الثلاثة ومعاونيهم ومستشاريهم تنفيذ تفاصيل خطتهم التخريبية ضد سلامة لإغتياله معنويا وأخلاقيا وشعبيا من أجل أسقاطه سياسيا وبدؤوا تنفيذها بالتزامن مع إعلان حكومة دياب قرارها ألإمتناع عن دفع سندات اليورو بوند الثلاث مليارات التي كانت مستحقة على لبنان في آذار العام ٢٠٢٠ من اجل تعمية بصيرة الناس عن جريمتهم الكبرى التي أرتكبوها بحق ليرتهم وتحميلها لسلامة نفسه . وتنفيذا للخطة المشار إليها تولى وزير سابق كان وزًر في حكومة ميقاتي عام ٢٠١١ كتابة المقالات التي تدين سلامة زورا ونشرها في بعض المجلات والصحف الفرنسية والإلمانية والسويسرية والإنكليزية والإميركية بتوقيع صحافيين في هذه المؤسسات الإعلامية مدفوعي الأجر وكلف في المقابل مدير عام سابق كان قدم إستقالته من الإدارة العامة حديثا بإعداد الملفات المالية المزورة والمفبركة عن سلامة والتي لا تستند إلى أدلة ثابتة ولا إلى مستندات صحيحة وكلها ملفقة تفتقر للمصداقية . وهذه الملفات المفبركة هي التي وقعت ضحيتها وزيرة العدل في حكومة دياب ماري كلود نجم التي كانت مررتها بدورها الى صديقتها سفيرة سويسرا في لبنان التي سارعت بإرسالها الى مدعي عام مدينة بيرن في خطوة تفتقد إلى ألأصول الديبلوماسية حيث لا يحق لها مراسلة أية جهة في بلادها إلًا عبر وزارة خارجيتها ولهذا عمدت ألأخيرة بعد علمها بمخالفتها هذه إلى إنهاء عملها في بيروت قبل نهاية مدة إنتدابها بسنة عقابا لها لإرسالها ملفات غير صحيحة وتوريطها ألقضاء السويسري ذات المصداقية بقضايا لا مصداقية لها حيث عمدت السلطات المختصة هناك إلى تنحية المدعي العام في مدينة بيرن من مركزه وكلفت آخر مكانه الذي لم يدعًي على سلامة بأية شبهة حتى الآن لخلو الملف من أية مستند صحيح .
أمًا الجهات التي مولت حملة التآمر على سلامة فهي أربعة جهتان داخل لبنان وجهتان خارجه ونحن نتحفًظ عن التلميح عليهم أو تسميتهم وعن أبعاد وخلفيات تموييلهم بشكل واسع لحملات التزوير والتشهير ضد سلامة كي لا نرمي الزيت على النار ونزيد من تعقيدات المشهد السياسي اللبناني داخليا وخارجيا خاصة وأن بعض الجهات الممولة لها علاقة بأجهزة إستخباراتية خارجية والبعض الآخر له علاقة مباشرة ببعض المؤسسات المصرفية اللبنانية. ولكن من المؤكد ان كل هذه الحملات التشهيرية على سلامة والملفات المالية المفبركة ومستنداتها المزورة عليه سترتد على أصحابها قريبا الذين لم ولن يحصدوا منها إلاً الخيبات .
ملاحظة هامة لا بد من ألإشارة إليها وهي أولا لا بد من توجيهنا الشكر لصديقنا مدير عام المجموعة المصرفية الكبيرة التي نقل لنا يومذاك تفاصيل هذه المؤامرة الخطيرة التي لم تستهدف سلامة على المستوى الشخصي فحسب بل إستهدفته أيضا كرئيس للسلطة النقدية الأمر الذي كان له تداعيات خطيرة على الوضع النقدي ككل وتأثيره السلبي على القطاع المصرفي والإستقرار ألإجتماعي في البلد . وهذا الموقف يدل على أحترام صديقنا لنفسه وأخلاصه لوطنه وتقديره لمكانة سلامة وعدم تفريطه بها ورفضه السير مع الوزير وشركائه ضده لثقته الكبيرة به وبموقعه النقدي وهو كان ابلغنا يومذاك بتفاصيل هذه المؤامرة لنقلها إليه وتنبيهه . وتنبيه ثانيا من يلزم لأحباطها حيث قمنا آنذاك بواجبنا الوطني وحذرنا أصحاب الشأن والقرار في البلد بتفاصيل ما يحاك على أعلى المستويات في بعض الغرف الرسمية السوداء للنيل من سلامة وسمعته بفبركة المستندات والملفات المالية المزورة عليه . وحذرناهم من أن ذلك سيؤثر على وضع الليرة ويتسبب بإنهيار نقدي غير مسبوق في البلد حيث من شأن هذا الأمر أن يترك مضاعفات سلبية على اللبنانيين عامة وليرتهم الوطنية خاصة . ولكن للأسف بدل قيامهم بأحباط هذه المؤامرة الخطيرة لتحصين الإستقرار النقدي ودعم رئيس السلطة النقدية لحماية البلد وأهله من أي إنهيار نقدي ومنع التسبب بأي إضطراب أجتماعي عمدوا إلى غض النظر عن هذه المؤامرة وسايروا دياب وحكومته التي لم يكن هناك بديل سني عنه يومذاك كما سايروا كذلك بعض القوى السياسية في حملتهم ضد سلامة كي لا يخسروا ظهيرهم المسيحي حيث كان بإمكانهم أحباط هذه المؤامرة ووقفها خاصة وإن تفاصيلها كانت كشفت لنا بعد أقل من يوم على إقرارها وقمنا بدورنا بكشفها لهم لأحباط تنفيذها حماية للبلد وأهله وهم منهم خاصة وإن ضرب الإستقرار النقدي وإسقاط سلامة كان هدفه أسقاطهم هم وتحميلهم وتحميل سلاحهم مسؤولية هذا الإنهيار إلى جانب سلامة على طريقة المثل العامي ضرب عصفورين بحجر واحد لكنهم للأسف فضلوا الحملة على سلامة ونتائج الإنهيارالنقدي على خسارتهم لبعض الحلفاء.
أخيرا إن حملة المستندات المزورة على سلامة التي بدأت في مطلع العام ٢٠٢٠ كان الهدف منها تحويله إلى نمر من ورق أي شل عمله كرئيس للسلطة النقدية لتعطيل قدرته في إستمراره بثبات سعر صرف الليرة خاصة وإنه كان نجح في إمتصاص تداعيات إنتفاضة الحراك المدني التي قامت في ١٧ تشرين ألأول عام ٢٠١٩ وكان دعا المصارف لإعادة العلاقة إلى طبيعتها بينها وبين مودعيها فجاءت الحملة التآمرية والمبرمجة عليه لتطيح بالإستقرار النقدي وتضرب المصارف وتضع جنى عمر اللبنانيين في مهب الريح . ومن يسمع دايفيد شنكر يتحدث عن دوره المباشر في إسقاط الليرة وتنزيل تصنيف لبنان ألإتماني في ألأسواق المالية العالمية يدرك عندها ان المرجع السابق الكبير والوزراء الثلاثة السابقين أيضا ومن شارك معهم بحملة المستندات المزورة على سلامة من وزراء ومدراء عامين سابقين ومستشارين سواء التابعين لهذه الجهة السياسية أو تلك كانوا كمن يطلق الرصاصة على رأسه بأوامر من شنكر نفسه لإثارة الرأي العام اللبناني ضد المقاومة وحزبها لإسقاطهما معا عبر إستعمال الحملة القاسية والظالمة على سلامة والذي ضللًوا بها باسيل وتياره الوطني الحر واجهة لذلك فإذا بهؤلاء ألأزلام المتآمرين على المقاومة وحزبها والعهد وباسيل وتياره من خلال تآمرهم على سلامة يسقطون ليرة اللبنانيين ويهددون جنى عمرهم في المصارف وبدل حمايتهم للًيرة وألأمن النقدي الوطني بحمايتهم للبلد وأهله أسقطوا بتآمرهم على سلامة والمقاومة والعهد وباسيل وتياره السياسي معا البلد وأفقروا نصف شعبه ويستمرون بأعطاء اللبنانيين دروس بالوطنية على طريقة العاهرة التي تحاضر بالعفة
ادخل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل مصطلح جديد هو “حاكم التعاميم” في حربه المستعرة الظالمة وغير المحقة على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منذ ثلاث سنوات ونيف . فأثناء إطلالاته المتلفزة التي توزعت بين المقابلات الصحفية وخطابات المناسبات الحزبية والشعبية خلال الحملات الإنتخابية وبعدها أطلق باسيل هذا المصطلح الذي برأينا لم يكن موفقا به . فهو أما أطلقه في معرض نكاياته المستمرة ضد سلامة وأما أنه تسرع يإطلاقه من دون معرفة أهمية هذه التعاميم وجدواها والتي نظمت العلاقة بين المصارف ومودعيها والتي لولاها لما تمكنت المصارف أصلا من إلإستمرار بالعمل في ظل هذه الأزمة الوجودية التي يمر بها البلد منذ السابع عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٩ حتى اليوم . ولما كانت كذلك إستطاعت تأمين الحد ألأدنى من تلبية أحتياجات المودعين والتجار قبض موظفي الدولة وألأسلاك العسكرية لرواتبهم .ولا ننسى أنه بواسطة هذه التعاميم إستطاع مصرف لبنان تسديد أكثر من مليون حساب لصغار المودعين خلال فترة وجيزة لم تتعدى السنتين . ونحن على ثقة تامة بأن النائب باسيل لو كان على معرفة كافية ووافية بجدوى هذه التعاميم وأهميتها لما كان سمح لنفسه بإطلاق تسمية “حاكم التعاميم” حيث كان ألأجدر به أن يشكره على تعاميمه بدل ألأستهزاء بها . ونسأل هنا النائب باسيل بكل أحترام أين مستشاريك ألاقتصاديين والماليين الموجودين في فريق عملك ، إذ كان ألاجدر لك سؤالهم عن هذه التعاميم لكانوا شرحوا لك فحواها وأهميتها ، إلا إذا أفادوك بسلبية هذه التعاميم ، عندها عليك مساءلتهم ومحاسبتهم لخطئهم الكبير هذا تجاهك وتجاه اللبنانيين . والتي هي شبيهة بالخطأ القاتل الذي أشاروا به عليك عندما ذهبتم لإتخاذ قرار في حكومة دياب بإمتناع لبنان عن دفع سند اليورو بوند البالغ قيمته ثلاث مليارات والذي كان مستحق على لبنان في آذار من العام ٢٠٢٠ حيث كان هذا القرار المقتل لليرة وبدء إنهيار سعر صرفها أمام الدولار والتي بدل أن تتحمل حكومة دياب والقوى السياسية الداعمة لها المسؤولية عن هذا التدهور النقدي يومذاك حملوها ظلما لسلامة الذي كان قد نصح المسؤولين جميعهم بعدم إتخاذ هكذا قرار قاتل لليرة اللبنانيين.
بناء على ما تقدم نقول للنائب باسيل ولتياره ولباقي القوى السياسية في ٨ و ١٤ ماذا لو أصدر تعميما جديدا ألغى فيه العمل بكل تعاميمه فماذا إذن سيفعلون هم لتأمين سبل العلاقة بين المصارف ومودعيها ؟ وكيف سيستطيعون تأمين عمل التجار ورواتب القطاعين العام والخاص معا ؟ .
كنا ولا نزال على موقفنا الذي جاهرنا فيه منذ بدء إنتفاضة الحراك المدني في السابع عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٩ مرورا بتشكيل حكومة دياب وبعدها تشكيل حكومة ميقاتي وصولا إلى اليوم بعدم السماح لأنفسنا بتناول القضاء اللبناني بكلمة إنتقاد واحدة أو حتى برميه بحجر أو بوردة سواء أصاب بعضه أو أخطأ البعض الآخر منه لاننا نعتبر أن القضاء هو “قدس الأقداس” ولا يجوز لأي كان تناوله لا سلبا ولا إيجابا . ولهذا كنا نتمنى على القاضية غادة عون مع كل ألإحترام لها لو أنها إقتحمت بالأمس مقرات ومنازل ومكاتب سياسيي الهدر من منطومة الفساد في معظم قوى ٨ و١٤ آذار وتيار وطني حر بدل إقتحامها مبني مصرف لبنان الذي نعتبره أيضا كالقضاء من “قدس الأقداس” لأنه كان ولا يزال “مؤتمن” من حاكمه إلى أصغر موظف فيه على ليرة اللبنانيين بمسلميهم ومسيحييهم تماما كحفاظ الجيش اللبناني على أرزتهم وعلمهم الذين يرمزان كالقضاء والليرة لكرامة لبنان وعزة أهله .
وإنطلاقا من ذلك فإننا نعتبر بأن كل الإتهامات الظالمة التي سيقت ولا تزال تساق ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والتي حملته وتحمله زورا وبهتانا مسؤولية الإنهيار النقدي وخراب البصرة بالبلد مردودة جميعها على أصحابها لأنهم يتهمونه بما هي عليه معظم القوى السياسية التي نهبت وسرقت الدولة بصفقاتها وسمساراتهم داخل مجلس الوزراء والمؤسسات التابعة له وأفقروا اللبنانيين منذ إتفاق الطائف عام ١٩٩٠ مرورا بالعام ٢٠٠٥ وصولا إلى اليوم .
يقول المثل الصيني الشهير الحقيقة أن تقال لا أن تعلم ، والحقيقة هنا ليس في إدانة سلامة ظلما على المستويين السياسي وألإعلامي ولا في توجيه بعض القضاء عليه ظلما أيضا بملفات ثبت عدم صحتها وإفتقارها للأدلة الثابتة سواء التي أدعوا فيها عليه داخل أو خارج لبنان معا . بل الحقيقة هنا التي يجب أن تقال هي أن معظم كل القوى السياسية من المنظومة الحاكمة هي المسؤولة المباشرة عن خراب البصرة وتجويع اللبنانيين وإنهيار دولتهم وسقوط وطنهم في آتون جهنم الذي أخذوه إليها منذ ٣٢ سنة إلى اليوم .
لذلك نقول أن الإتهامات التي توجه لسلامة من بعض القضاء والحملات السياسية والإعلامية التي تشن عليه ليست إلا قنابل دخانية لتعمية بصيرة اللبنانيين عن حقيقة فساد معظم هذه القوى وعجزها على إستنباط الحلول لإخراج اللبنانيين من ألأزمة الوجودية النقدية والمالية والاقتصادية غير المسبوقة التي أدخلوهم فيها والتي باتت تهددهم وتهدد وطنهم بالإنهيار الشامل اذا لم يسارع بعض العقلاء ممن لا زال اللبنانيون يراهنون على حكمتهم بمد اليد لسلامة ليتعاونوا وإياه على الإنقاذ نظرا لما للرجل بعد من ثقة كبيرة بشخصه لدى المؤسسات المالية الدولية والعربية نظرا للقدرات غير المحدودة وإلإمكانيات الواسعة لديه والتي لا تزال تؤهله ليقود اللبنانيين ووطنهم إلى شاطيء الآمان مع الشرفاء من القادة السياسيين اللبنانين الذين لا زالوا موجودين ويعول على دورهم التاريخي في هذه المرحلة المصيرية التي يجتازها لبنان
قليلون فقط الذين يعلمون ان الحملة السياسية والإعلامية العنيفة التي يشنها النائب جبران باسيل وتياره الوطني الحر منذ سنتين ونيف على رياض سلامة هدفها ليس إزاحته من السبق الرئاسي لكونه أحد أبرز الأسماء المطروحة وليس هدفها أيضا إقالته من الحاكمية وتعيين شخص مؤيد له مكانه بل هدفه الحقيقي هو قطع الطريق على وجوده نهائيا في الحياة العامة لأن باسيل يدرك تمام الإدراك أن سلامة باق في الحاكمية لولاية سادسة جديدة مع العهد المقبل إذا لم ينتخب هو الرئيس لأنه يعلم أن الرئيس المقبل أيا كان هذا الرئيس لا يمكن أن يبدأ عهده بإنهيار نقدي غير مسبوق حيث أن مجرد التفكير بتعيين شخص غير سلامة سيقفز سعر صرف الدولار إلى أسعار خيالية قد يتخطى معها عتبة ليس المائة أو المائتي ألف ليرة بل ربما أكثر . فسلامة لا يزال يتمتع بالثقة والإحترام عند غالبية اللبنانيين غير المنحازين لأي جهة سياسية من قوى 8 , 14 آذار وتيار وطني حر ويشكلون الأغلبية الصامتة من الشعب اللبناني وهم يعلمون أن سلامة كان بإمكانه الحفاظ على سعر ال 1500 ليرة أمام الدولار وتجنيب البلاد الإنهيار النقدي لو أخذت حكومة دياب بإقتراحاته لجهة عدم الذهاب للإمتناع عن دفع سندات اليورو بوند 1.3 مليار دولار التي كانت مستحقة على لبنان في آذار العام 2020 مما أدى يومها إلى إنهيار الليرة أمام الدولار بأقل من ساعة من 1600 إلى 4800 ليرة . كما أن أللبنانيين يعلمون أن سلامة كان بإمكانه أن يحافظ على الإستقرار النقدي وثبات صرف الدولار على السعر الرسمي لو تجاوب معه المسؤولين وسمحوا له للذهاب إلى نادي باريس لبيع سندات اليورو بوند الثلاث والثلاثين مليار في السوق المالية الدولية بخسارة 30 في المائة من قيمتها التي كان مصرف لبنان يومذاك بقادر على تحملها لان أحتياطه كان لا يزال قويا وجلب من قيمتها حوالي 25 مليار دولار نقدا بعد تأجيل إستحقاقها من العام 2039 إلى العام 2049.
كما أن الغالبية الساحقة من اللبنانيين يدركون ان الحملات على سلامة من باسيل وتياره ومن بعض قوى الحراك المدني هي حملات ظالمة لأن هؤلاء يتهمون سلامة بما هي عليه غالبية القوى السياسية مسيحية وإسلامية وهو بريء منها . كما يدرك غالبية اللبنانيين ومعهم دوائر القرار الاميركية والفرنسية والإقليمية والمؤسسات المالية الدولية والعربية أن سلامة هو الذي لا يزال حامل البلد رغم الأزمة الوجودية غير المسبوقة التي يمر بها ويؤمن أحتياجات أهله من عملة صعبة لتغطية مشتقات النفط والإدوية والطحين ورواتب القطاعين العام والخاص وهو الذي لا يزال يحافظ على إستمرارية عمل القطاع المصرفي تمهيدا لإعادة هيكليته للنهوض بالبلد من جديد .
منذ استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري مع بداية ازمة تشرين 2019 و الدخول بمتاهة تكليف رئيس جديد و من ثم العثور في الدفاتر القديمة على شخصية فذة كالرئيس حسان دياب لتأليف حكومة ما بمعاونة لفيف من المعاونين و المستشارين اثبتت الأيام اللاحقة انهم عملاء لديفيد شينكر مغروسين في الأدارة اللبنانية منذ اكثر من 20 عاما . منذ ذلك الوقت و نحن نسمع بمصطلحات جديدة في عالم المال و المصارف و الأقتصاد . خطط تعافي و خسائر و فجوة مالية و هير كات و …. و من تحليل هذه العبارات نصل الى نتيجة واحدة ’عملت فرق المساعدين و المعاونين و المستشارين لرئاسة الحكومة و رئاسة الجمهورية على توجيه الأتهام بعناصر الهدر و الفساد وتجاوز السلطة لفريق واحد لا شريك له ” مصرف لبنان ” و القطاع المصرفي . و حددت هذه الجهات الخائنة و المتواطئة اجمالي الخسائر بقيمة 264 تريليون ليرة لبنانية و عمدت الى التخلف عن دفع استحقاق اليوروبوند و اعلان هذا التخلف ببيان رسمي من العبقري حسان دياب مما ادخل البلاد في متاهة الأفلاس و العجز لكل عناصر الدولة من الخزينة الى مصرف لبنان و بالتالي المصارف . لم يتحدث اي اختصاصي من هؤلاء العظماء عن الأموال التي استخدمتها الدولة منذ عام 1993 ولغاية وقوع الأزمة و لم يشرح احدا منهم اسباب اختفاء هذه الأموال وانما عمدوا الى تحميل المصارف و مصرف لبنان اسباب الأنهيار المالي و الى سلاح حزب الله اسباب الأنهيار الأقتصادي . كل ذلك و هم مشاركون في الخيانة و العمالة للجهة الأميركية الي ضغطت اكثر من مرة على شركات التصنيف المالية في العالم لتقييم لبنان بمستويات ائتمانية اقل انخفاضا تسريعا للأنهيار .
لكي نفهم مصير الأموال التي اعتبرت خسائر في خطط التعافي و خصوصا مع عبقرينا الجديد معالي نائب رئيس مجلس الوزراء الحالي سعادة الشامي الذي يحاول جهده تحميل المودعين اي عموم الشعب اللبناني مسؤولية الهدر و السرقة و الانفاق في خطته الجديدة المطروحة حاليا لذلك علينا متابعة كيفية اختفاء الأموال .
يودع المواطن امواله في المصرف فيقسم المصرف الوديعة الى اجزاء :
– احتياطي الزامي لدى مصرف لبنان .
– جزء سيولة بين يديه تحسبا لمطلب المودع للسحب منها .
– اقراض القطاع الخاص جزء آخر منها .
– شراء شهادات ايداع لدى مصرف لبنان ( الهندسة المالية ) .
– شراء يوروبوند مباشرة من وزارة المال تمويل للحكومات المتعاقبة .
استعمل مصرف لبنان الأموال المكتتب بها لديه في شهادات الأيداع او الودائع لتمويل الدولة اللبنانية استنادا للمادة 91 من قانون النقد و التسليف و انفاذا لقوانين اقرت في المجلس النيابي من خلال الموازنات السنوية للحكومات المتعاقبة . هذه الأموال التي اقرضها مصرف لبنان هي الفجوة التي كثر الحديث عنها خلال الفترة الماضية و التي يحاول العبقري الجديد في الحكومة اعتبارها خسائر بدلا من اعتبارها دين مستحق على الدولة يضاف اليها سندات اليوروبوند التي تشكل محفظة المصارف و في مجموعها تعادل الدين العام المستحق في ذمة الدولة اللبنانية.
يتحدثون عن هدر و فجوة بقيمة 68.5 مليار دولار نيتهم تحميلها للناس هي اجمالي الاموال التي اقرضها مصرف لبنان للحكومات و هي ارقام مستقاة من مستندات موجودة لدى مصرف لبنان بالتفصيل :
– اعتمادات فتحت كطلب وزارة الطاقة لصالح مؤسسة كهرباء لبنان اقرت في قوانين الموازنات السنوية بلغت 18.93 مليار دولار ما بين 2010-2021
– بناء لطلب وزارة الطاقة اعتمادات و نفقات بمستندات رسمية بلغت 5.6 مليار دولار .
– حاجات و مصاريف الدولة ( نفقات البعثات الدبلوماسية و …. ) و اتفاقيات و عقود و قروض خارجية 8.3 مليار دولار .
– كلفة الخطة الحكومية ( حكومة حسان دياب ) لدعم السلة الغذائية التي اقرتها و حددها وقتها الوزير راؤول نعمة وزير الأقتصاد 7.6 مليار دولار .
– تسديد سندات يوروبوند لصالح الدولة اللبنانية خلال فترة 2010-2021 بقيمة 7.5 مليار دولار .
– كلفة الأقراض و الفوائد المدفوعة خلال هذه الفترة عن دين الدولة 14.8 مليار دولار .
– اقراض الدولة بفائدة 1 % استنادا لقوانين الموازنات عن الاعوام 2018-2019 فرق الفوائد 1.6 مليار دولار .
– اقراض الدولة بدون فوائد موازنة عام 2020-2021 و استمرارها 4.2 مليار دولار .
المجموع 68.5 مليار دولار
الدولة لا تريد تسديد دينها العام و تحاول بواسطة حكوماتها تحميل هذه الفجوة المالية للناس عن طريق الهيركات لودائعهم لدى المصارف .
من هنا الهجوم على حاكم مصرف لبنان و على جمعية المصارف و القطاع المصرفي لمنعهم من المطالبة بحقوق الناس و الضغط عليهم تارة بالمطالبة باقالة حاكم مصرف لبنان و تارة باعادة تأهيل القطاع المصرفي بموجب قوانين تمحي اكثر من نصف عددها العامل في السوق . و لان الفجوة المالية اسرارها لدى الحاكم من هنا قرار الحكومات ( خصوصا حكومة حسان دياب ) و عملاؤها المتأمركين بالتركيز و تحويل الرأي العام نحو التدقيق الجنائي بدلا من معرفة كيف انفقت وزارة الطاقة اكثر من 50 مليار دولار على خدمة لا تصل الى الناس و تم تسخير بعض القضاء لخلق جبهات تحارب الحاكم و المصارف منعا من الوصول الى الحقيقة .
نعم هل يعيد التاريخ نفسه وتتكرر مأساة المسيحيين على غرار ما حصل في مؤتمر الطائف .فيومذالك أدى الإستئثار بالسلطة من أجل الحصول على كرسي الرئاسة الى حربين طاحنتين أسفرت عن هجرة مئتي ألف مسيحي من البلدالى بلاد ألإغتراب وتدمير مناطقهم وخسارتهم لنصف وجودهم ونفوذهم داخل سلطات الدولة . واليوم يخشى أن يتكرر السيناريو ذاته بسبب الطموح الرئاسي فيعمد ديوك المارونية السياسية نتيجة صراعهم المستميت بين بعضهم البعض على كرسي الرئاسة لأخذ المسيحيين هذه المرة أيضا إلى إنتحار جديد وخسارتهم لنصف النصف المتبقي لهم داخل السلطة على طاولة المؤتمر التأسيسي القادم مما سيضطر عندها ما تبقى من مسيحيين شرفاء إلى الهجرة النهائية من لبنان وتركه للأوباش ألأوباش منهم .
قبل سنة زارت شخصية أميركية رفيعة المستوى لبنان بعيدا عن الاعلام نتحفظ عن ذكر أسمها وألتقت بعض القيادات المؤثرة حيث
تمنت على أحدهم أن ينقل لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عدم تكليف نفسه عناء الطلب من شخصيات أميركية وغير أميركية لتوسط مع واشنطن لرفع العقوبات عنه لأنها ليست بالامر السهل الذي يتصوره . كما تمنت على من إلتقته أن ينقل لباسيل أيضا نصيحة بوقف سعيه للرئاسة لأن ألمعنيين دوليا وإقليميا بالملف لن يعيدوا تجربة إنتخاب قيادي سياسي لسدة الرئاسة ، ناصحة إياه بترتيب علاقته بإثنين هما قائد الجيش العماد جوزف عون وحاكم مصرف لبنان رياض سالمة ووقف الحملات عليهما معا لأن الرئيس المقبل سيكون على طرازهما وشاكلتهما أي كما يقال بالعامية ما بوجع الراس . واردف الزائر الأميركي يسأل محدثيه الذين بعضهم كما أشرنا آنفا مؤثر بالسياسة الداخلية : أتعلمون ما الخطأ الكبير الذي أرتكب بمجيء العماد عون لكرسي الرئاسة ؟ ليجيبهم بنفسه قائلا : كونه يمثل تيار سياسي يعمل في البلد ويسعى للحصول على مكاسب في كل الإتجاهات عن طريق سعيه للاستحواذ على التعيينات والمراكز سواء كانت إدارية أو عسكرية وأمنية وقضائية أو مالية ونقدية أو ياسية عن طريق تمرير مشاريع مناطقية تؤ ًمن الدعم لجمهوره . ومن الطبيعي إزاء ذلك أن يعمل الرئيس على إنجاح مشروع تياره وتقويته . وفي هذه الحال لم يكن رئيسا واحدا تجاه جميع اللبنانيين مما يعني أنه لم يساوي بينهم ولم يقدم الى الموالين له والى ألمعارضين حتى لعهده لا على صهره ووريثه السياسي ولا على تياره السياسي . ما قاله الضيف الأميركي البارز لمن إلتقاهم بعيدا عن الإعالم نقله مرجع كبير لأحد القضاة المحترمين المقربين منه الذي قام بدوره بإطلاع جهة نافذة بالبلد على فحوى ما سمعه من المرجع المذكور . ومنذ تسلم باسيل لهذه النصيحة والحرب السياسية وغير السياسية مستعرة بالمخفي على قائد الجيش من جهة وبالعلن على سلامة من جهة أخرى حيث أقاموا الدنيا عليه ولم يقعدوها بعد. فبالرغم من مرور حوالي الثلاث سنوات على الازمة المالية التي يمر بها لبنان لم نرى أي مسؤول أو سياسي أو خبير مالي – إقتصادي قدم حل حقيقي أو خطة واضحة للخروج منها في الوقت الذي لا يزال سلامة يعمل وحيدا لاعبا كافة الأدوار من تأمين المال للقطاع العام إلى الحفاظ على ديمومة العمل الرسمي بتأمينه نفقات الدولة ورواتب الموظفين وتمويل عمليات الإستيراد للضرورات المعيشية اليومية . وفي هذه الحال سيبقى سلامة الجهة الوحيدة التي باستطاعتها إخراج البلد من محنته ووضعه على سكة التعافي المالي ، فحفاظه على القطاع المصرفي بأصعب الظروف الذي يمر بها البلد وأهله هدفه ليس حماية أصحاب المصارف وديمومة مصارفهم بصفتها شركات خاصة لهم وإنما بإبقاء القطاع المصرفي حي وقابل للحياة بانتظار موافقة الحكومة على خططه لإصلاحه وإعادة تصويب مساره كجزء ضروري من قيامة البلد . لم يمد احد من المسؤولين أو السياسيين اليد لمساعدته وإنما تركوه لوحده يتشظى من الهجوم المركز عليه ولم تتقدم أية جهة سياسية بالدفاع عنه. كان سلامة و لا يزال “خشبة الخلاص” للبلد من الهوة القاسية التي أصابت الأوضاع والانهيار الأليم الذي لحقه . فالصمود الرائع له يترجم بشخصيته المالية الفذة التي لا يراها عامة الناس ولا يراها الرأي العام الذي يتأثر بالهجوم المركز عليه من معظم القوى السياسية خصوصا التيار العوني والتركيز عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي فليس صحيحا أن فساد الدولة وما وصلت إليه حال البلد من إفلاس للدولة ومن إفقار لنصف مواطنيها سببه سياساته النقدية وطريقة إدارته لمصرف لبنان وإنما سببه الحقيقي هو تصرفات الحكومات المتعاقبة منذ إتفاق الطائف إلى اليوم والتي لم تأت سوى بالنكبات على البلد وأهله بكافة الصعد . ولهذا لا توجد مصلحة لمهاجميه في تظهيره “بطلا” حافظ و يحافظ على بلاد انهكتها سياسات أنفاق وهدر وفساد وصناديق سرقة و نهب ولم يحاسبها العهد منذ وصوله لبعبدا عام ٢٠١٦ وهو بات الآن على مسافة أشهر قليلة للرحيل ولم يتطرق هجومه يوما إلى إهدار الأموال الطائلة في وزارة الطاقة ولا في عمليات استيراد الفيول المغشوش الذي فتح القضاء المحاسبة فيه واقفل فجأة لان ابطاله معظمهم محسوبين على جهة معينة ليس من مصلحة العهد الإضاءة عليها . كما ليس من مصلحة التيار الوطني الحر ولا غيره من القوى السياسية المعنية بالملف الرئاسي اليوم الإضاءة على العمل الدؤوب والجيد الذي يقوم به سلامة لان في ذلك إبراز لصفته “كرجل دولة” يعلم كيف تدار الأمور وتعالج . والرأي العام الذي تسوقه الطبقة السياسية بمعظمه للأسف أعموا بصيرته عن الحقائق وصوروا له سلامة بأنه الشيطان ، وكل ذلك لغايات أصبحت معروفة هدفها إبعاده عن “الحاكمية” كي لا يبقى الأسم ألأبرز والمتقدم في لائحة اسماء المرشحين للرئاسة.
أخيرا لا بد من التوضيح أن زيارة الدبلوماسي الكبير والرصين في الخارجية الأميركية دايفيد هيل لسلامة في دارته قبل سبعة أشهر وتناوله الغداء على مائدته بحضور السفيرة دورثي شيا جاءت بعد أشهر على زيارة الشخصية الأميركية المهمة للبنان المذكورة آنفا . وهذا يعني إنه بالعودة إلى فحوى ما نقلته هذه الشخصية الأميركية للمرجع المذكور بخصوص الملف الرئاسي وباسيل والنصيحة التي ارسلتها للأخير نعرف حينها بأن زيارة هيل لسلامة لم تأتي من فراغ بل من ضمن هذا الجو . وكان أكثر من فهم هذه الرسالة وفهم أبعاد النصيحة التي وجهت له هو باسيل نفسه ، ولهذا كانت حربه الشرسة على سلامة وبكل أنواع الأسلحة المدنية ولا تزال مستمرة وبشراسة ولن تتوقف حتى إمرار الأستحقاق الرئاسي الذي لن يحصل في موعده الدستوري حيث ستدخل البلاد في فراغ رئاسي يسبق المؤتمر التأسيسي القادم برعاية دولية وإقليمية وعربية وستستضيفه الدولة الحنونة التي ليتها إستمرت بانتدابها علينا على ألأقل ما كنا لنرى هذه الوجوه السياسية الكالحة الخارجة من جحر إبليس والمتخرج من مدرستها كل من علي بابا والاربعين حرامي معا .
خلال إحدى الجلسات الودية السياسية وجه احد الموجودين حديثه لمؤثر في السياسة الداخلية للبلد قائلا له : أتعلم ما هو الخطأ الكبير الذي إرتكب بمجيء العماد عون إلى كرسي الرئاسة ؟ سأل وأجاب بنفس الوقت قائلا : لأنه يمثل تيار سياسي يعمل في البلد ويسعى للحصول على مكاسب في كل الاتجاهات لاستحواذه على التعيينات والمراكز العليا الأدارية والعسكرية والامنية والمالية والنقدية أو سياسية عن طريق تمرير مشاريع مناطقية تؤمن الدعم لجمهوره السياسي . و من الطبيعي أن يعمل الرئيس على إنجاح مشروع تياره وتقويته وبالتالي لن يكون الرئيس عادلا تجاه جميع اللبنانيين و بهذا لن يساوي بين الجميع موالاة أو معارضة ولن يقدمهما معا لا على وريثه السياسي ولا على تياره السياسي . إن لبنان لا يحكم الا برؤساء يشبهون فؤاد شهاب والياس سركيس وحتى الياس الهراوي ولا يشبهون امين الجميل الكتائبي اولا ولا كذلك اميل لحود المنحاز إلى قوى ٨ آذار و إلى النفوذ السوري . ولا كذلك ميشال عون الذي يعمل منذ وصوله لوريثه أولا وتياره السياسي ثانيا ويحاول تأمين إستمراريتهما وديمومتهما وقوتهما . فالهم الأساسي لدى التيار العوني اليوم هو تأمين أجواء إنتخاب رئيسه بعد عمه ويبدو أن هذا الهدف دونه عقبات يحاول تذليلها وأهمها :
أولا : العقوبات المفروضة على باسيل لعدة أسباب أهم ما ورد في حيثياتها ، الفساد وإستعمال واجهة للفساد ، وإنتهاك حقوق الإنسان حيث لم ينص القرار لا من قريب ولا من بعيد لعلاقته بحزب الله وتحالفه معه وإتفاق مار مخايل .
ثانيا : للاسباب التي ذكرناها آنفا من غير المفضًل إنتخاب رئيس يمثل تيار سياسي همه أن يفرض عليه العمل لتقويته على حساب الآخرين .
ثالثا : إذا كانت العقوبات الأميركية على رئيس التيار الوطني الحر الذي أهم أسبابها الفساد حتى الآن لم نلمس أي تغيير في النهج والأسلوب المتبع خصوصا في موضوع الإستفادة من أي خطة تعالج موضوع الطاقة .
رابعا : يفضًل الخارج وخصوصا المؤًثر على إنتخابات الرئاسة أن يكون الرئيس المقبل مؤسساتي ، وأن يمثل جميع وأغلب الطبقة الفكرية المثقفة وأن يكون خطابه السياسي غير طائفي وموزون ، وهذا ما يفتقر إليه ممثل التيار الأول ومرشحه للرئاسة . خامسا : وجود مرشحين يتمتعون بالصفات المطلوبة أمثال قائد الجيش وحاكم مصرف لبنان ورئيس مجلس القضاء الأعلى أو سفيرا في الخارج أو أحد الوزراء السابقين.
المسؤولون اللبنانيون ومعهم منظومة ٨ و١٤ آذار وتيار وطني حر ينطبق عليهم المثل العامي الذي يقول : إللي إستحوا ماتوا . فمعظمهم يحاضرون بالعفة وهم منغمسون بالفساد السياسي من رأسهم حتى أخمص قدميهم . وإنطلاقا من ذلك يمكن وصف العلاقة بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من جهة ومعظم المسؤولين وسياسيي المنظومة من جهة أخرى كالعلاقة بين الخير والشر . فمنذ إنتفاضة الحراك المدني في السابع عشر من تشرين الأول عام ٢٠١٩ إلى اليوم يسير سلامة على درب الجلجلة لإنقاذ الوضع النقدي وحماية أموال المودعين بكافة شرائحهم الصغيرة والمتوسطة والكبيرة و يسير هؤلاء على درب النكد السياسي والمصالح الشخصية والأحقاد ويتعاملون معه تعامل الجلادين مع السيد المسيح . فهم مصرون على أخذه إلى الصلب محملينه المسؤولية عن فشلهم في الإنقاذ وعن مسيرة فسادهم السياسي منذ إتفاق الطائف العام ١٩٩٠ مرورا بالعام ٢٠٠٥ وصولا إلى اليوم . وما حملاتهم الظالمة عليه سواء السياسية والقضائية معا أو ألإعلامية سوى قنابل دخانية لتعمية بصيرة الناس عن فشلهم في إدارة الدولة وإلإنقاذ وللتغطية في آن معا على فسادهم المستشري والمتمادي لكي يهربوا من مساءلة ومحاسبة الناس لهم . ويدرك هؤلاء في قرارة نفسهم عجزهم عن إستنباط الحلول لإخراج البلد مما تعانيه إقتصاديا وماليا ونقديا ويعرفون أن سلامة يملك الرؤية والقدرة على إستنباط الحلول للإنقاذ الشامل على كافة مستوياته النقدية والمالية والإقتصادية لكنهم يستمرون في محاربته وتشويه صورته وتصويب الملاحقات القضائية ضده وتسعير حملاتهم السياسية والإعلامية عليه المطالبة بإقالته لحسابات بعضها له علاقة بمعركة رئاسة الجمهورية لكون سلامة لا زال من أبرز الأسماء المطروحة دوليا وإقليميا وعربيا والبعض الآخر له علاقة بمعركة حاكمية مصرف لبنان الذي يجهد الكثيرين لأخذها من أجل وضع اليد على محفظتي البنك المركزي النقدية والعقارية والتي تقدر بعشرات مليارات الدولارات .
مضت 3 سنوات تقريبا على حركة 17 تشرين لمجموعات ما يدعى الحراك المدني و مر خلالها مآسي لا تعد و لا تحصى من استقالة حكومة سعد الحريري الى حكومة حسان دياب و فشلها الذريع خاصة مع عدم دفع استحقاقات اليوروبوند الى خطط الفاشلين المحيطين بحسان دياب ارباب شينكر الى خطة التعافي التي دعت الى محو كل شيء و البداية من جديد, الى الكورونا و امتداداتها و انفجار آب الذي دمر نصف العاصمة و التحقيقات المرتبطة به و ادت الى انقسامات سياسية حادة في البلاد الى …. و الى ….
خلال الفترة الماضية لم تأتي اية حكومة او مسؤول تيار سياسي او كتلة نيابية وازنة او اي فريق بأية خطة عمل او بارقة امل للوضع المتدهور المالي و الأقتصادي . كل هذا الوقت لم نسمع و لم نر اية اجراءات تخفف من اعباء الناس قامت بها او اقترحتها اي من المجموعات السياسية الحاكمة في البلد .
البارقة الوحيدة التي امدتنا بأمل للأستمرار تلك الخطوات و الأجراءات التي قام بها حاكم مصرف لبنان ليخفف عن الناس وطأة الأزمة و يمدهم ببعض عوامل الأستمرار و ان كانت بالحد الأدنى , بداية مع تحذيراته للحكومة من مغبة عدم الدفع لأستحقاق اليوروبوند الى تنظيم العمل ما بين المودع و المصرف و مد القطاع المصرفي بما يحتاج لتأمين حركة الاموال ما بين الناس و المصارف . و الى تأمين العملات الصعبة لحركة البلاد الأقتصادية .
ان اردنا تعداد خطوات رياض سلامة خلال الفترة الماضية نلخصها كما يلي :
– اقفال ما يعدل 1 مليون حساب للمودعين الصغار و اصحاب الحسابات ما دون ال5 الآف دولار و تحويلها من الليرة اللبنانية الى الدولار الأميركي مما حافظ على مدخرات اصغر مودعين لدى القطاع المصرفي . و ابعد شبح الخسارة عنهم .
– تنظيم العمل بالتعميم 158 مما سمح للمدخرين بالعملة الأجنبية بالسحب دولار نقدي لغاية ما يعادل 10 الآف دولار اميركي للعام الأول و نحن الآن مع بداية العام الثاني لتطبيق التعميم .
– خلق منصة صيرفة تسهيلا مع البداية لتأمين العملات الأجنبية للقطاع الأقتصادي و تمويل عمليات الأستيراد لكافة السلع و بأسعار اقل من تلك المطبقة في السوق السوداء تأمينا لمستويات اسعار استهلاكية تساعد الناس على الأستمرار.
– توسعة حركة تطبيق التعميم 161 ليشمل كافة رواتب القطاع العام و الموظفين و بالعملة الأجنبية حفاظا على بعض من القيمة الشرائية لما تبقى من قدرة لهؤلاء المواطنين للمتابعة .
– التدخل لدعم استيراد المواد الغذائية و المشتقات النفطية امتد لفترة عام تقريبا , و بالرغم من عمليات السرقة و التهريب و الاستغلال استفادت شرائح المجتمع منها و لو بالقدر القليل .
– تأمين الرواتب لموظفي القطاع العام مع انعدام ايرادات الدولة بسبب جائحة كورونا و اقفال معظم الادارات الرسمية و العمل العام .
– تأمين نفقات الدولة و مصروفاتها بالعملة الاجنبية من رواتب البعثات الدبلوماسية و عقود الصيانة و عمليات استيراد الفيول لأول سنتين من الأزمة و تأمين كافة مستلزمات الحياة للمرافق العامة .
– استيراد و دعم القمح تأمينا لرغيف المواطن بالرغم من عمليات السرقة و النهب و استغلال هذا الدعم من قبل مافيات الافران .
– استيراد و دعم الدواءعلى انواعه لمدة عامين من بداية الأزمة و من ثم تأمين الأموال لتأمين الدواء لمرضى الامراض المزمنة و السرطانية .
– ….
كل ذلك و أكثر يضاف الى عمل الحاكم و عمله الدؤوب للمحافظة على القطاع المصرفي و ابعاد شبح الأفلاس عنه و تأمين ما يلزم له بالحد المتاح لحين اقرار خطة تعافي تؤمن الأصلاحات الضرورية و اللازمة .
كل هذا العمل لم يلق من الطبقات السياسية و الفرقاء الشركاء في الوطن اي دعم او تقدير و انما جحود و نكران هائل نراه يترجم بدفع بعض القضاء الى ملاحقة رياض سلامة بذرائع واهية و حجج باطلة و تحميله مسؤولية اقتراض الدولة لأكثر من 68 مليار دولار من اموال مصرف لبنان منها اكثر من 40 مليار للكهرباء ووزارة الطاقة خلال آخر 10 سنوات . و نراهم يتقاعسون عن القيام بواجباتهم مثلا بمكافحة التهريب او بعدم مراقبة اسعار السلع و تحديد هامش ربح التجار اويمتنعون عن دعمه سياسيا اتجاه من يهاجمه ظلما وزورا و يؤثر بذلك على اسعار السوق النقدية .
المطلوب و الهدف واضح ان يكافىء من عمل بجد و جهد حين تقاعست الحكومات المتعاقبة عن العمل او اقرار خطط اقتصادية عاجلة , و ان يدعم من كل الشرفاء في هذا الوطن لعمله المتفاني للمحافظة على اموال المودعين بكافة شرائحهم و ان تقف الى جنبه النقابات و الجمعيات و تحارب الى صفه و تخرس اصوات النشاز و الهجوم و الأفتراء , و ان تعمل جمعية المصارف في لبنان كما كانت الى جنب الحاكم و بالتنسيق معه لتخفيف نتائج الأزمة عن الناس و المودعين .








